*الوزير الأمريكاني وقطعة الشطرنج
*"الملك" ترامب يأتي بمن يشاء ويطيح بمن ليس على هواه وكأنه يتأسى باللعبة الشهيرة
*قبل وزير الدفاع المقال كان هناك وزراء الداخلية والخارجية والعدل.. والبقية تأتي!!
الوزير الأمريكاني أصبح الآن من أتعس الوزراء على مستوى العالم بل وأقلهم حظا وكرامة أيضا.!
ليس في ذلك أي نوع من أنواع المبالغة.. فهكذا تقول استطلاعات الرأي التي تجري بين كل يوم وآخر .. والتي تنوعت وزاد عددها في الآونة الأخيرة بعد الاستقالات أو الإقالات التي يغادر على إثرها كبار المسئولين وعلى رأسهم الوزراء مقار أعمالهم دون أن يعرف أحد كيف جاءوا ولماذا ذهبوا.
***
الرئيس دونالد ترامب يتعامل مع وزرائه وخيرة مستشاريه كأنهم قطع شطرنج.. جميعهم يتساقطون أمام "ملك اللعبة"..!
ولعل ما حدث مؤخرا مع وزير الدفاع جيم ماتس خير شاهد وأبلغ دليل.. إذ لم تكد تمر ساعات قليلة على قرار الرئيس بالانسحاب من سوريا حتى كان هناك انسحاب من نوع آخر يتمثل في رجل البنتاجون الأول..!
ولقد حاول الوزير أن يعرف من الرئيس أبعاد وخلفيات وتبعات هذا القرار الأمر الذي اعتبره ترامب تعديا على شخصه وعلى صلاحياته كرئيس أعلى للقوات المسلحة.. ليبادر بكتابة تغريدة على صفحته الخاصة عبر تويتر معربا عن شكره للوزير على خدماته.. وموضحا أنه سيفصح خلال أيام عن قائد البنتاجون الجديد..!
وهكذا بدا الجنرال ماتس وكأنه آخر من يعلم..!
في نفس الوقت أخذ الرئيس يبرر حيثيات قرار الانسحاب من سوريا بأن القوات الأمريكية قد أدت مهمتها بهزيمة الدواعش الذين كانوا السبب الرئيسي – كما يقول – في تواجد تلك القوات على الأرض السورية.
طبعا ليست واقعة ماتس هي الفريدة من نوعها .. بل لن تكون الأولى والأخيرة .. إن نهج ترامب هو نفس ما اتبعه يوم 13 مارس الماضي مع وزير خارجيته ركس تيلرسون الذي تجرأ وعارض سياسة بلاده تجاه كل من كوريا الشمالية وإيران..!
المهم.. لم يكتف ترامب بإقالة الوزير فحسب .. بل شن ضده هجوما ضاريا متهما إياه بالغباء وقصر النظر إلى جانب تدخله فيما لا يعنيه..!
ويبدو أن ملك الشطرنج لديه "تار بايت" مع الوزراء السياديين .. ففي نفس التوقيت تقريبا.. أطاح بوزير العدل"جيف سيشنز" الذي سبق أن أشارت إليه أصابع الاتهام حول اتصالاته مع الروس إبان الحملة الانتخابية للرئيس والذي كان بالتالي من أخلص الخلصاء وأقرب الأقربين ..!
لكنها لعبة الشطرنج الماكرة..!
أيضا لم يسلم وزير الداخلية "ريان زنيك " من تلك القرارات الفجائية فقد تم عزله هو الآخر بتغريدة من التغريدات إياها لينضم إلى طوابير الوزراء.. المغلوبين على أمرهم والذين لا يملكون فكاكا من مصائرهم..!
***
وتمتد يد الملك الطولى لتصل إلى كبار معاونيه.. مثل جون كيلي الأمين العام للبيت الأبيض والذي وقف الرئيس ليعلن من خلال مؤتمر صحفي أن كيلي سوف يغادر منصبه في نهاية العام الحالي.. أي بعد أيام من الآن..!
كذلك لم يصمد "مايكل فيلين" طويلا أمام جبروت ترامب.. فقد أطاح به بعد 22 يوما من تعيينه مستشارا للأمن القومي دون أن يشفع له منصبه السابق كرئيس للاستخبارات العسكرية الأمريكية..!
والأغرب.. الأغرب أن الذي جاء بعده غادر هو الآخر موقعه..!
ثم.. ثم.. لعل حكاية نيكي هايلي مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة ليست بعيدة عن الأذهان .. فبعد النجومية التي حظيت بها داخل المنظمة الدولية وخارجها ومواقفها المؤيدة لسياسة الرئيس بل وتحمسها له جاءت هي الأخرى لتعلن استقالتها بحجة حاجتها للراحة والاستجمام ليعين ترامب على الفور مكانها هيدز نويرت الناطقة باسم وزارة الخارجية..!
***
في النهاية تبقى كلمة:
تُرى .. إذا حدث ما يحدث لوزراء أي دولة كبرت أم صغرت في أي مكان بالعالم .. هل كانت واشنطن وبيتها الأبيض سيصمتان .. أم يعلنان عن عدم رضائهما مطالبين بالحرية للوزراء المقالين أو المستقيلين ..؟!
إنها – يا سادة – حرية على الورق .. ليس إلا..
****