مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 25 مارس 2023
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*حكايات.. رمضانية..!

*كيف يمكنك استثمار شهر رمضان أفضل استثمار؟
*الله سبحانه وتعالى خلقه للعبادة والتقرب إليه.. وليس للتسالي والجلوس على المقاهي!
*الصيام يفقد الإنسان صوابه.. زعم خاطئ!
*قراءة القرآن.. والتردد على المساجد .. والتكبير والتسبيح كلها مقومات لتجديد الكيان الروحي
*الرئيس السيسي ضرب المثل ليلة أول رمضان في العمل والاجتهاد مع الالتزام بأداء الصلاة في مواعيدها
*مصر يرجع إليها فضل مساعدة الإفريقيين والآسيويين في التعامل مع دينهم "المفضل"
*مرة حضرت دعوة على السحور على "قرود" تشوى على النار!
*ومرة فوجئت بأن الصوم يبدأ من المغرب حتى الفجر وليس العكس
*الرئيس الأوكراني يدعو شعبه للصوم تضامنا مع المسلمين.. وطلبا للنصر
*** 
 شهر رمضان.. ضيف عزيز على البشرية عموما وليس على طائفة دون طائفة.
لذا ليس غريبا.. أن تجد المسيحيين يحتفلون بأيامه ولياليه مع المسلمين جنبا إلى جنب وقد غمرتهم مشاعر البهجة والتعاطف لاسيما حينما يتبادلون معا دعوات الإفطار والسحور.
وغني عن البيان أن استقبال هذا الضيف العزيز مرة كل عام يتسم بالخصوصية والتفرد حيث تتزين المساجد وتضاء الشوارع وينصرف القوم لأداء صلاة التراويح التي يعترفون جميعا بأنها تضفي على قلوبهم روحانية ذات طبيعة خاصة وشفافية ما بعدها شفافية وأنا شخصيا أعتز بأن أول سورة حفظتها من القرآن الكريم هي التي يقول فيها الله سبحانه وتعالى:" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون"  صدق الله العظيم.
ولقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يغمرني بمحبته حيث اختارني مجموعة من الأقارب والأصدقاء أن أؤمهم في صلاة مغرب أول يوم من شهر رمضان "الخميس الماضي" وتلوت الآية الكريمة وأنا أكاد أطير فرحا.
*** 
استنادا إلى تلك الحقائق فإننا مطالبون بأن نبذل الجهد تلو الجهد لكي نحافظ للشهر الكريم على سماته وخصائصه كما أرادها الله سبحانه وتعالى وهذا ليس بالأمر العسير بل بالعكس إنها ثقة ما بعدها ثقة.
أما الذين يزعمون أن الصيام يفقد المرء صوابه ويجعله متوترا وسلوكه منفلتا وتصرفاته غير منضبطة فتلك كلها غير حقيقية لأن الصيام يشع داخل النفس آيات الإيثار والتضحية والفداء.
والدليل أن جميع الحروب التي دارت رحاها على مدى فترات زمنية متباينة قد كتب الله تعالى فيها النصر للمسلمين وآخرها حرب أكتوبر عام 1973 التي أعادت لمصر والمصريين هيبتهم وكرامتهم وأصبحت أسرار هذه الحرب ونتائجها مادة ثرية تدرس في معظم الأكاديميات العسكرية على مستوى العالم.. 
وهكذا يثبت بالدلائل والبراهين أن قراءة القرآن والتردد على المساجد والتكبير والتسبيح ليلا ونهارا.. كلها عناصر إيجابية ومقومات أساسية لتجديد الكيان الروحي لدى الإنسان.
*** 
ولقد ضرب الرئيس السيسي المثل في هذا الاستثمار الأفضل لشهر رمضان حيث حضر حفل سحور أول يوم مع المواطنين والعمال في العاصمة الإدارية الجديدة وأدار حوارا مع بعضهم واستمع بحب ومودة إلى البعض الآخر.. ثم..ثم.. بعد ساعات قليلة سرعان ما قام الرئيس وقبل الفجر تحديدا بزيارة مقر أكاديمية الشرطة وتحدث أيضا للطلبة كما ناقش عددا منهم حول بعض أمور الحياة الجارية وأيضا تفقد ميادين التدريب  وكل ذلك لم يمنعه من أداء صلاة الفجر في موعدها.
يعني عمل واجتهاد على أحلى ما يكون ليضرب الرئيس- كما أشرت آنفا- المثل في استثمار شهر رمضان.
*** 
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن مصر كان لها سبق الفضل في تعريف مسلمي إفريقيا وآسيا بقواعد الصيام وفوائده وكيفية التعاطي مع أيام وليالي الشهر الفضيل حيث أوفدت بعثات من الجامع الأزهر ووزارة الأوقاف للعديد من دول أمريكا وآسيا الذين كانت سعادتهم بالغة وهم يرون بعيونهم ويستشعرون بأفئدتهم كيفية التعامل مع شهر رمضان بأساليب لم يتعودوها من قبل.
ولقد أقدم الإخوة الأفارقة على دعوة الكتاب المصريين والمثقفين والصحفيين لزيارة بلادهم خلال شهور رمضان على سنوات متتالية.
واسمحوا لي أن أحكي لكم عن حكاية شخصية عشتها خلال زيارتي لبلد إفريقي حيث دعوني على السحور وسط الأدغال والحدائق المفتوحة التي يتجول فيها الأسود والنمور مع الغزلان والزراف بحرية تامة.
دخلنا إلى المكان المقام فيه الحفل لأفاجأ بألسنة نيران تتصاعد في السماء ويصحبها أصوات غريبة تشبه مواء القطط ولكن بصورة أعنف وأعلى حيث تبين فيما بعد أنهم يدعوني على سحور من "قردة" يتم شيها في التو واللحظة ثم تقطع أجسادها وتقدم في أطباق على أهازيج وأغان  وطبل ورقص وعيب ألف عيب إذا امتنعت عن تناول هذه الوجبة النادرة وغالية الثمن.
أما في آسيا فالمفاجآت أبلغ إثارة وأكثر اختلافا..!
وتعالوا معي لنتابع التفصيلات:
في بلد يقع في أقصى الجنوب الشرقي لقارة آسيا حيث عشت ثلاثة أيام من شهر رمضان لأشهد عجب العجاب ولعل أهم هذا العجب أنهم هناك ينامون النهار كله ويعملون الليل بأكمله.. حيث إن الصيام عندهم يبدأ من صلاة المغرب وحتى صلاة الفجر وطوال هذه الساعات يفعلون كل شيء أي لا توجد محظورات إطلاقا وإذا ما طلعت الشمس كل يذهب إلى بيته فالعمل متوقف في كل المجالات خلال نهار الشهر الفضيل.
الأغرب والأغرب أنني حاولت إقناعهم بأن هذا ليس صياما إلا أنهم أصروا على ضرورة اتباع تعاليمهم أو تقاليدهم وإلا سيحدث ما لا يحمد عقباه.
*** 
واليوم ينتهز الرئيس زيلنسكي رئيس أوكرانيا الفرصة لكي يكسب ود المسلمين في بلاده.. حيث دعا المواطنين جميعهم إلى صوم شهر رمضان مشاركة منهم لإخوانهم المسلمين وتوسلا لله سبحانه وتعالى أن يكتب لهم النصر المبين ضد هؤلاء الروس.
طبعا نحن لا نعرف.. من الذي استجاب لدعوة الرئيس ومن الذي لم يستجب حتى الآن.
*** 
          مواجهات
*نصيحتي الخالصة لك.. اصفح عن كل من أساء إليك .. فنحن في شهر رمضان شهر المغفرة.. والسماحة والتعاطف الوجداني.
*** 
*ربما يثور سؤال : وإذا صفحت بينما الطرف الثاني استمر في عناده.. وصلفه وكبريائه..
وأرد قائلا: أنت تصفح لأنك تنفذ تعاليم الله سبحانه وتعالى.. واترك الشارد.. أو المعاند.. أو الكاره..إلى حال سبيله.
*** 
*أعجبتني هذه الكلمات اختصار رمضان في عبارتين…
رمضان قصير لا يحتمل التقصير…
وقدومه عبور لا يقبل الفتور..
فكلما تكاسلت فتذكر قول الله تعالى…{ أَيَّامًا مَّعْدُودَات }  ..
*** 
*وهذه الكلمات أيضا: 
الدين كله خلق.. فمن فاقك في الخلق.. فاقك في الدين..
*** 
*لا تستغرب أن دار الإفتاء حددت زكاة الفطر ب٣٠ جنيها..باعتباره مبلغا زهيدا بالقياس إلى الظروف الاقتصادية القائمة.
في الواقع إنه ليس بزهيد.. فالمزكي له مطالب بإخراج زكاة عيد الفطر بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى.
*** 
*وأخيرا نأتي إلى حسن الختام:
اخترت لك  هذه الأبيات الشعرية من نظم أمير الشعراء أحمد شوقي:
على قدر الهوى يأتي العتاب
ومن عاتب يفديه الصحاب
ألوم معذبي فألوم نفسي
فأغضبها ويرضيها العذاب
ولو أني استطعت لتبت عنه 
ولكن كيف عن روحي المتاب
***
و..و..وشكرا