*لعبة القط والفأر بين أمريكا وتركيا في سوريا المحتلة..!
*لا تصدقوا أن ترامب سيسحب قواته ولا أردوغان سيحمي الأكراد..!
*التاريخ يعيد نفسه.. منذ عبد الله أوجلان حتى فتح الله جولن..!
واضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد أن يتراجع عن قراره بسحب قواته من سوريا.. استجابة لرغبة مستشاريه الذين يرون أن هذا الانسحاب لا يخدم المصلحة الأمريكية لسبب بسيط أنه سيترك الأبواب مفتوحة أمام كلٍ من روسيا وإيران.. لكي يتدعم نفوذهما أكثر وأكثر..!
الآن.. يضع ترامب شرطين أساسيين للانسحاب.. كلاهما صعب..الأول: هزيمة تنظيم داعش والثاني: ضمان سلامة الأكراد..!
***
بالنسبة لهزيمة داعش.. فإن ترامب أول من يعلم أن الممرات الآمنة التي وافقت قياداته العسكرية على فتحها في سوريا لتأمين خروجهم عززت مواقف أعضاء هذا التنظيم الإرهابي وليس العكس.. وبالتالي فإن الحديث عن اقتلاع جذورهم.. يتنافى مع المنطق..ولا يتسق مع الواقع..!
أما بالنسبة لضمان سلامة الأكراد.. فهذا لن يكون بحال من الأحوال لأن حكاية تركيا معهم.. طويلة.. وقديمة .. ومليئة بالأحداث.. والوقائع المثيرة..!
كانت البداية عام 1980 عندما أعلن الشاب الكردي عبد الله أوجلان تأسيس حزب العمال الكردستاني الذي استطاع أن يكسب تأييدا كبيرا داخل تركيا التي سرعان ما ضاقت ذرعا .. حيث ضيقت عليه الخناق.. وطاردته أناء الليل وأطراف النهار.. حتى استقر به المقام في سوريا التي وفرت له الحماية .. وسمحت له بشن الهجوم ضد أنقرة الأمر الذي أثار استياء رئيسها سليمان ديمرل الذي بعث وقتها للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد إنذارات شديدة اللهجة.. إما تسليم أوجلان.. أو الحرب..
وإنصافا للحق.. لولا تدخل مصر عندئذ .. لوقع ما لا يحمد عقباه.. في نفس الوقت الذي آثر حافظ الأسد السلامة واختار حلا وسطا.. يقوم على أساس عدم تسليم أوجلان لجلاديه..بل السماح له بمغادرة سوريا إلى أي مكان يشاء..!
وبالفعل تم ترحيله إلى روسيا التي لم تتحمله طويلا.. إذ سرعان ما غادرها إلى نيروبي عاصمة كينيا وهناك لجأ للسفارة اليونانية بها والتي خانت العهد بمباركة أمريكية ليرحل مكبلا بالأصفاد إلى من كانوا ينتظرون تلك اللحظات بفارغ الصبر.
عبد الله أوجلان هذا..هو الذي تم رفع صورته مؤخرا على الحدود السورية- التركية..باعتباره رمزا لنضال الأكراد الذين يجيء ترامب مطالبا بحمايتهم..!
على الجانب المقابل.. فإن الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان انتقد موقف ترامب حيث وصفت وزارة الخارجية التركية .. التصريحات الأمريكية في هذا الصدد بأنها مزعجة ومرفوضة من حيث الأسلوب والمحتوى..!
أيضا.. لا يجب أن ننسى.. أن هناك عدوا شرسا لأردوغان متواجدا في أمريكا.. اسمه فتح الله جولن الذي اتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الأخيرة ضده.. وكل يوم يلح على واشنطن بضرورة تسليمه .. لكن يبدو أنها مازالت مصرة على الاحتفاظ به كورقة أخيرة.. في المفاوضات الأمريكية- التركية حول الانسحاب أو عدم الانسحاب من سوريا..!
***
وهكذا يستعيد التاريخ – كما يقولون- نفسه بنفسه..لكن ها أنذا أقولها وأنا أراقب عن بعد:
لا ترامب سوف يسحب قواته ولا تركيا سوف تحمي الأكراد ولا سوريا ستتحرر أراضيها..!
إن المعادلة صعبة.. وصعبة للغاية.. والمهم من لديه القدرة على المناورة.. وعلى اللف والدوران..وعلى اللعب على الأحبال حتى ولو كانت دائبة..!