سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " نعم.. البرد شديد ولكن: فلنأخذ منه.. عظة وعبرة! "

بتاريخ: 14 يناير 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*نعم.. البرد شديد ولكن:

فلنأخذ منه.. عظة وعبرة!

*لا تسرفوا في استهلاك الطاقة ثم تعودوا للشكوى..!

*درس من غرفة ألمانية نصفها دافئ!!

البرد القارس يهاجمنا بعنف وتحدٍ.. وكأنه يريد إثبات وجوده في كونٍ أصبحت تتشابك فيه الخيوط البيضاء مع السوداء دون تحديد للهوية.. وبلا ظواهر مسبقة.. مثلما تعود البشر منذ مئات الألوف من السنين..!

من هنا.. عندما نقول إن ترشيد استخدام الطاقة أمر ضروري وحيوي وهام فلا يعد ذلك مجاملة للحكومة .. أو مساعدتها على تنفيذ سياسة ربما لا يقرها البعض.. أو يعتبرونها نوعا من أنواع الفرض أو الإجبار بينما الحقيقة تؤكد العكس تماما..

ومع هذا دعونا نستعرض الماضي منذ نشأة العلاقة بين الإنسان.. والدفء:

هذا الإنسان عرف أول ما عرف الحجر الذي استخدمه في تدبير شئون حياته مثل طهي الطعام وإنارة الكهوف والمغارات ثم جاء بعده الخشب لتستمر المجتمعات في تطورها للوصول في نهاية الأمر إلى الطاقة سواء أكانت حرارية أو ميكانيكية أو كهرومائية..أو..أو..!

***

على الجانب المقابل.. فقد تسببت هذه الطاقة في إشعال الصراع بين الناس سواء داخل حدود أوطانهم أو خارجها:

 في نفس الوقت .. فقد كانت سببا في غرس بذور الخير في القلوب عندما يستشعر الأثرياء الذين يلفهم الدفء من كل جانب أن هناك آخرين يتهددهم الموت في كل لحظة لأنهم لا يجدون غطاء يواجهون به رجفات الليل والنهار..!

***

مرة.. كنت في زيارة لألمانيا التي وصلتها يوم 15 يناير يعني في نفس التوقيت الذي نعيشه الآن.. وما أن فتحت الطائرة التي تقلني أبوابها وبدأ الركاب يدلفون من داخلها حتى أخذتهم الصاعقة وبدوا وكأنهم يطيرون في الهواء..!

ثم توجهنا إلى الفندق أنا وعدد من زملائي وكان فندقا متواضعا.. سارعت موظفة الاستقبال لتقدم لنا المعلومات الضرورية وأهمها أن "مواسير" التدفئة تعمل حتى الساعة التاسعة مساء فقط.. وبعدها تتوقف.. توفيرا للنفقات والطاقة طبعا..!

لم نلق بالا وقتئذ لتلك التعليمات ولم نحس بالمأساة إلا بعد أن انسحب الدفء من العروق وحل محله برودة ما بعدها برودة.. كأنه صقيع القطب المتجمد الشمالي..!

هنا حاولنا الاتصال بأي مسئول في الفندق دون جدوى ..ولما طلع الصباح بعد الليلة الموعودة فوجئنا بمدير الفندق يلقي علينا محاضرة في كيفية الحفاظ على الثروة التي وهبنا الله إياها وعدم التفريط فيها تحت وطأة أي ظرف من الظروف.. والثروة التي كان يقصدها الرجل.. هي الكهرباء..والنفط..والغاز..لاسيما وأنه قد ألمح إلى أننا قادمون من بلاد تعوم على بحور من الزيت!!

..ثم..ثم.. تمر الأيام لنعود إلى نفس الفندق ويكرر لنا المدير الجديد نفس المعلومات.

***

ما أريد أن أخلص إليه أننا في هذه الأيام الشتوية الباردة سوف نضطر إلى استخدام أجهزة التكييف الساخن والمدافئ.. و..و..مما يرفع ولا شك قيمة الاستهلاك التي تتحول تلقائيا إلى مبالغ مالية ..عندئذ .. هل ستجأر أصواتنا بالشكوى كالعادة..؟!

دعوني أجيب بنفسي عن السؤال:

نعم.. سوف يحدث ذلك..!

لذا..كم أتمنى أن نقتصد..وأن نتدبر الوضع.. وأن نفعل مثلما يفعل الألمان وغيرهم من الشعوب التي لا تكاد تعرف شمس الصيف فلا يسرفون ولا يبذرون.. وأيضا لا يبخلون على أنفسهم!

يعني كل شيء بحساب دقيق.. وبمفهوم أشمل وأوسع..

ولنعلم جميعا من الآن.. أن فصول الشتاء القادمة سوف تكون أبرد ..وأبرد..وفقا لنظريات تغير المناخ القائمة..!

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

***