مات أشهر ملياردير مصري في تاريخ مصر الحديث .. وبعد أن أمضى معظم سني حياته في صراعات سياسية وخلافات تجارية.. وأزمات عائلية.. ألا وهو "محمد الفايد" صاحب محلات هارودز الشهيرة في لندن.
عرفت محمد الفايد عام ١٩٨٥ تقريبا.. بعد تعييني رئيسا لتحرير المساء بأربع سنوات .. وكانت البداية عندما أبلغني أنه يريد توزيع ١٠٠٠ كرسي متحرك على المرضى الفقراء.. مشيرا إلى أنه وبعد صعوبات بالغة في إدخال هذه الكراسي للبلاد بسبب إجراءات جمركية وصحية عتيقة.. وقد أعانني الله -وقتئذ- على تنفيذ رغبة محمد الفايد وجاءت الكراسي باسم المساء التي تولت توزيعها.. وكم كان الرجل سعيدا ومبتهجا.
!
بعدها بسنوات وعندما كنت في زيارة للعاصمة البريطانية لندن قال لي محمد الفايد في استحياء إنه يريد زيارة مصر التي غادرها منذ سنوات عديدة.. وفي كل مرة يعد العدة للسفر لكنه يتراجع في آخر لحظة ..
المهم .. سافرت من لندن عائدا للقاهرة ومعي وعد من محمد الفايد بأن يلحق بي بعد شهر تقريبا… وقد كان..وما أن هبطت طائرة الفايد الخاصة مطار الاسكندرية حتى أصبح شخصا غير الشخص الذي التقيته في لندن..حيث أخذ يسير في شوارع محرم بك و المنشية وهو يتكلم اللهجة الإسكندرانية وحوله أصدقاؤه القدامى.. والذين هم جميعا أناس رقيقو الحال .. باعة جائلون وتجار أحذية .. وعمال في محطات بنزين.
***
ثم..ثم.. عاد محمد الفايد إلى لندن وهو في قمة السعادة.. حتى شاء القدر ولقي ابنه البكر عماد مصرعه مع الأميرة ديانا.. داخل نفق ألما الشهير في باريس..
كانت الصدمة موجعة بالنسبة لمحمد الفايد ودخل في حرب عاتية ضد القصر الملكي البريطاني وجهاز مخابراتها حيث اتهمهم علانية بأنهم الذين دبروا الحادث.
***
وبعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ اعتصر الألم قلب محمد الفايد لأنه كرجل اقتصاد أدرك أن مصر ستدفع الثمن باهظا وباهظا جدا..
ثم..ثم .. انقطعت اتصالاتنا ولم أعد أسمع شيئا يذكر عن الفايد..حتى علمت بنبأ وفاته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
بصراحة.. كان محمد الفايد ظاهرة فريدة من نوعها وكم كرر لي أنه اتفق مع المجموعة القطرية التي اشترت محلات هارودز على وضع جثمانه داخل البهو الفسيح للمحل بعد تحنيطه ويكتب عليه هذا فرعون من فراعنة مصر..!
لكن واضح أن هذا لم يحدث .. ولا أعتقد أنه سيحدث.. فالذي يموت لا يجد من يدافع عنه.. حتى ولو كان ملياردير المليارديرات.
دنيا..!