مصر تبذل الآن جهودا خارقة ومضنية من أجل وقف نزيف الدم فوق أراضي قطاع غزة والذي يطال كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين في آن واحد.
طبعا ليس غريبا على مصر مثل هذا الموقف فهي تكاد تكون الوحيدة التي تعرف دخائل الفلسطينيين وما تنطوي عليه قلوبهم من عذاب وألم.. مهما حاولوا أن يظهروا في صورة غير الصورة.
نفس الحال بالنسبة للإسرائيليين الذين لم يتوقعوا يوما أن يدفعوا مثل هذا الثمن الباهظ الهائل والذي تمثل في مقتل ما يقرب من 2000 منهم وهم الذين كانوا يولولون ويصرخون ويهيلون التراب فوق رءوسهم عندما يفقدون ثلاثة أو أربعة على الأكثر جراء حرب من الحروب أو معركة من المعارك الخاطفة إياها.
***
من هنا فالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتابع القضية الفلسطينية منذ سنوات طوال حريص أبلغ الحرص على الوصول إلى اتفاقات توقف هذا القتل والقتل المضاد..لأن العواقب كما يعرفها ويتوقعها ستكون وخيمة للغاية.
على الجانب المقابل فإن مسألة الأسرى تبدو هي الأخرى بالغة التعقيد فالفلسطينيون يهددون بقتل من احتجزوهم في سجونهم بينما الإسرائيليون يستشيطون غضبا وهم يسمعون ذلك منذرين بما تنص عليه الاتفاقات الدولية في هذا الصدد..!
سؤال: هل هذه الاتفاقات الدولية تشملكم فقط ولا تمتد لغيركم..؟!
ذلك هو بيت القصيد..
أما منع الطعام والشراب والدواء والماء والكهرباء عن سكان غزة بهدف تركهم في عزلة بالغة حتى يلقوا حتفهم فهذا كلام لم يعد ينفع والبشرية كلها في عام 2023 الذي يختلف قطعا في أشكاله وظواهره وخلفياته عن عام1956 و1967 بل وعام 1973أيضا.
***
استنادا إلى تلك الحقائق فإن العالم كله يجد من واجبه مسايرة مصر في طريقها نحو السلام وهو الطريق الذي انتهجته مصر على مدى السنوات الماضية.. وليس أمامها ولا أمام أي مجتمع دولي أي خيار آخر.
والدليل أن أمريكا بعثت وزير خارجيتها إلى المنطقة ليستمع إلى شتى الأطراف ويدرس ويبحث بصرف النظر عن حاملة الطائرات "جرالدفورف" التي بعثت بها إلى شرق المتوسط.. إما لتهدد أو لتظهر العين الحمرا.. أو تطمئن إسرائيل بأنها الابنة المدللة على طول الخط.
في نفس الوقت الذي تعرف فيه واشنطن أنه ليس من السهولة بمكان تعريض علاقاتها مع مصر للخطر لأنها علاقة متينة وإستراتيجية. وتفيد كثيرا.. كثيرا في مجالات شتى.
وحتى تكون الأمور واضحة أكثر وأكثر فإن السؤال الذي يدق الرؤوس بعنف: وهل أمريكا أمام هذه النفقات راضية.. وهل صورتها أمام الدنيا بأسرها تسمح بأن تأتي حاملة الطائرات للمنطقة ثم تمضي دون أن تفعل شيئا يذكر..؟!
طبعا.. يمكن ويمكن فلا أحد في هذا العالم -كما أشرت سابقا- يسعى إلى ساحات القتال بينما الناس يعانون الأمرين في حياتهم العادية للحصول على مستلزمات معيشتهم..!
وإذا كان هذا هو حال الأمريكان.. تُرى ماذا عن موقف مصر؟
موقف مصر.. يا سادة ثابت ولن يتغير لأنها عليمة ببواطن الأمور وبأدق العلاقات بين الأطراف المختلفة وأيضا بين طرف وطرف..
إن مصر سوف تستمر في ترسيخ معاني ومبادئ السلام حتى تظهر بشائره والتي سوف ترعاها مصر بكل ما تملكه من قوى بشرية أو مادية وتاريخية إلى أن تحقق الأهداف المنشودة.
أما أن تحاول "قوى الشر" التي نعرفها جيدا استغلال فترة الانتخابات لتعيث في الأرض فسادا فهي يجب أن تعرف من الآن أن الانتخابات الرئاسية أمر داخلي مائة xالمائة لا علاقة لأي كائن من كان سواء في الشرق أو الغرب أن يفرض نفسه عليها أو أن يخطف عن طريقها كسبا رديئا مزريا فذلك ولا شك ضرب من ضروب الخيال لأن من يؤمن بالديمقراطية عن طيب خاطر.. صعب عليه وألف صعب استخدام هذه الديمقراطية نفسها في الضرب على آمال وتطلعات الشعوب.
***
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فهاآنذا أقول للمرشح الذي وجد ضالته في أن يكون "ألعوبة" رخيصة بين أيادي جماعات الإخوان الإرهابيين التي أسموها بـ"العالمية" ويخترع من بنات أفكارها المريضة نظما للانتخابات لا ينص عليها قانون أو دستور أو واقع عملي فإن أبسط رد عليه هو قول الله سبحانه وتعالى:" إِنَّهُمۡ يَرَوۡنَهُۥ بَعِيدٗا (6) وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا (7) يَوۡمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلۡمُهۡلِ (8) وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ (9) وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا (10) يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ ".
صدق الله العظيم.
***
و..و..شكرا