لم يكن ممكنا بحال من الأحوال أن أكتب مقال اليوم دون التعرض إلى حدث تاريخي هام يمس القضية الفلسطينية مما يؤكد أن مصر منذ زمن طويل "مهمومة" بهذه القضية وبشعبها وبالمؤامرات التي تحاك ضد أبناء وبنات هذا الشعب من أجل الإبقاء عليهم.. مقهورين ومضطهدين وعديمي الأهلية.
طبعا.. إن مثل هذا الحدث من المستحيل إغفاله بل هو يبقى دائما داخل مقلات العيون وبين ثنايا العقول فاليوم هو 15 يناير يوم مولد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كانت مأساة الفلسطينيين السبب المباشر لوفاته.
لم تقبل شخصيته أو استعداده أو قدرته أن تطأ أقدام هؤلاء المشتتين أرض فلسطين دون اشتعال المعارك الضارية واضطرار العرب إلى مواجهتهم بعد أن استولوا على أراضيهم..
وقبل وفاته بثلاثة أيام انعقد مؤتمر قمة عربية في مصر بعد أن اشتعلت المعارك بين الفلسطينيين والأردنيين حيث لم يتقبل عبد الناصر أن يسفك المواطن العربي دم شقيقه العربي وطلب من ياسر عرفات الخروج من كل الأراضي الأردنية وفي سبيل تحقيق ذلك بذل جهدا خارقا مع الملك حسين ملك الأردن ومع ياسر عرفات نفسه وما إن انتهى المؤتمر أخذ عبد الناصر يودع ملوك العالم العربي بنفسه في مطار القاهرة مصاحبا إياهم من الفندق الذي انعقد فيه المؤتمر إلى المطار حيث كانت النهاية المفجعة بوفاة زعيم مصر فوق كتف أمير الكويت.
***
استنادا إلى تلك الحقائق التي أحاول أن أعرضها اليوم مصر تسير على نفس النهج فالفلسطينيون مهما قالوا أو فعلوا أو مهما ناور بنيامين نتنياهو أو ألف حكايات وروايات لا تمت لصالح الناس الغلابة والفقراء والمساكين فإننا سنظل نتابع هذه الحقوق المشروعة والتي تم الاستيلاء عليها في غفلة من الزمن غير عابئين بما يردده بعضهم دون تريث أو بلا تقدير للمسئولية الكاملة.
***
أما بالنسبة لبنيامين نتنياهو الذي وجد نفسه محاصرا بين معارضيه داخل إسرائيل ذاتها بل وبين مجلس الحرب نفسه الذي سبق أن شكله بنواياه الخبيثة وطبيعته الشريرة فيأتي ليبدو مدثرا في رداء المضطهدين وملابس المغلوبين على أمرهم ليطالب الجنائية الدولية بحمايته من اعتداءات الفلسطينيين..!
وهكذا يريد بنيامين نتنياهو أداء مسرحية كوميدية أو تمثيلية هزلية وكأن كل تلك المشاهد التي بثتها شاشات التليفزيون في العالم لا تخص الفلسطينيين الذين ضحوا بأرواحهم وبأرواح أبنائهم وبناتهم وأطفالهم "الرضع" وشيوخهم بل تخص شعبا آخر في دنيا غير الدنيا.
***
عموما أعود لأذكر بكل الخير والشجاعة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي سوف ترفرف روحه في السماء إلى أن يأتي يوم يتحقق فيه النصر للفلسطينيين ولنحمد الله نحن العرب بصفة عامة والفلسطينيون بصفة خاصة على أن قيَّض الله سبحانه وتعالى زعيما مخلصا.. الراعي الأول حاليا للقضية الفلسطينية والذي أخذ على عاتقه ضرورة التوصل إلى حل لها.
ونسأل الله أن يستجيب لدعائه ودعاء الملايين وأن يكون التاريخ خير منصف له وأفضل ناقل للأحداث الجسام والشخصيات بكل حيادية وإيجابية ليزداد العالم يقينا وإيمانا بأن مصر هي الإقدام والضمير ورئيسها هو الإصرار والإرادة والشجاعة التي ما بعدها شجاعة.
***
و..و..شكرا