الناس في هذه الحياة متباينو المشارب.. مختلفو الصفات والسمات.. فهكذا خلقهم الله سبحانه وتعالى وجعلهم كما يقول في كتابه العزيز فوق بعض درجات وبالتالي هناك أناس يفضلون أن يمضوا أيامهم ولياليهم وشهورهم داخل غرف مغلقة لأنهم بحكم طبيعتهم لا يريدون أن يلقوا قريبا أو صديقا فهذا بالنسبة لهم أفضل وأحسن من الجلوس مع آخرين لا يعرفون هوياتهم أو نوعياتهم وسلوكياتهم..
ونحن إذا انتقلنا إلى الواقع العملي نجد أن التجارب الإنسانية أثبتت أن الرجل المسئول عن موقع بعينه إذا ظل أسير المقعد الذي يجلس عليه فلن يقدم ولن يؤخر.
أقصد الوزير أو المحافظ فكم من وزراء جاءوا وذهبوا دون أن تكون لهم بصمة واضحة لأنهم أنفسهم لم يشاءوا أن يغيروا من الواقع شيئا وهؤلاء عكس الذين يجدون سعادتهم في لقاء الجماهير والاستماع إلى شكاواهم واقتراحاتهم وبذلك تتوحد المصالح وتتفق الأهداف مع بعضها البعض .. أقول ذلك بمناسبة ما طالب به د.مصطفى مدبولي لوزراء حكومته بضرورة الخروج إلى الشارع لمدة عدة ساعات في اليوم بهدف -حسب قوله-تحريك المياه الساكنة ودفع العمل بمختلف المشروعات التي تقوم بها الحكومة فضلا عن تيسير إجراءات إقامة المشروعات الاستثمارية الجديدة وتهيئة المناخ الدائم للقطاع الخاص.
***
طبعا هذه لهجة جديدة من جانب رئيس الوزراء فهل يا ترى.. السبب يرجع إلى ما يتردد بقرب إجراء تعديلات أو تغييرات وزارية أم أن طبيعة المرحلة تتطلب صفات بعينها أولاها الالتحام بالجماهير والعمل على إيجاد خيوط متصلة بينهم وبين الأجهزة الحكومية المختلفة.. ؟
عموما.. سواء هذا أو ذاك فإن التواجد في مواقع العمل والإنتاج أفيد.. وأجدى كثيرا كثيرا..!
***
بالمناسبة اسمحوا لي أن أحكي لكم حكاية طريفة تتعلق بهذا الذي يثار ..
مرة دعاني أحد المحافظين لزيارته في المحافظة واخترت يوم الجمعة وهو ما رحب به المحافظ قائلا: إن شاء الله تكون فرصة لنؤدي الصلاة معا..
وبالفعل ذهبنا إلى المسجد الكبير في عاصمة المحافظة وما إن انتهينا من الصلاة حتى تجمعت حشود حول المحافظ منهم من يسب ويلعن ومنهم من يحملون عشرات الشكاوى بين أياديهم مطالبين بحلول لمشاكلهم..!
ثم..ثم.. أخذت الأجواء تزداد حرارة حتى انتهى بي الأمر أنا شخصيا إلى بداية الطريق الزراعي المؤدي للقاهرة دون أن أودع المحافظ أو يودعني.. إلى أن تلقيت منه اتصالا هاتفيا بالقرب من أذان المغرب يعاتبني على مغادرتي محافظته دون استئذان .. طبعا ضحكت ولم أعلق .
***
من هنا لابد أن يكون معروفا مسبقا أن تواجد المسئولين في الشارع له إيجابياته شأنها شأن سلبياته.. المهم المحافظ الذي يستطيع احتواء الناس وإقامة علاقات طيبة بينهم وإلا سيكون مصيره مثل المحافظ إياه الذي حكيت لكم حكايته..
***
و..و.. شكرا