مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 11 فبراير 2024
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

اشتهرت أمريكا على مدى مختلف عصورها بتأييدها السافر لإسرائيل وهو تأييد لم تشأ أن تخفيه بل بالعكس حيث تبدو في جميع الأحيان أنها تقدم المال والسلاح والفيتو للصديقة الحميمة التي يجب أن تتمتع بالحماية والتي من حق حكوماتها أن ترتكب كافة وسائل القهر والاضطهاد والعسف ضد الفلسطينيين والذين ليس أمامهم سوى تجرع مرارة العذاب والألم والتشرد والضرب والسحل والسجن بغير اعتراض.. وإذا فرض وأرادوا أن يرفعوا أصواتهم وليس صواريخهم احتجاجا واعتراضا وبحثا عن حياة آمنة مثل ملايين البشر لا يجدون أيضا سوى ردود فعل عنيفة وقاسية وعدوانية..!
يعني كان هذا هو حال أمريكا إزاء علاقاتها مع إسرائيل لكن لم يحدث أن غيرت مواقفها سواء في السر أو في العلن حتى جاء حكم الرئيس بايدن الذي يقف مرة مشيدا في سفور وتحدٍ بعلاقته مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ثم سرعان ما يأتي في اليوم التالي ليهاجم المستوطنين واصفا إياهم بالإرهابيين ولا يكتفي بذلك فحسب بل يؤكد تأييده لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
إذن والحال هكذا فشيء طبيعي أن يذكر كلاما عن مصر أو غير مصر قد يكون مستندا إلى معلومات غير دقيقة.. فيقول إن مصر لم تكن ترغب في فتح معبر رفح وإنه تحدث مع الرئيس السيسي في ذلك وطبعا من حق مصر أن تعود لتذكر العالم بأنها منذ اللحظات الأولى كان قرار الرئيس السيسي بفتح المعبر طوال الليل والنهار لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وبالفعل تدفقت قوافل الشحن من كل فج الأمر الذي أثار حفيظة الإسرائيليين الذين كانوا يتمنون بالطبع منع المساعدات حتى يزداد خنق الفلسطينيين أكثر وأكثر في نفس الوقت الذي تحاول فيه استمرار صولجانها وسلطانها فأخذت تدك الجانب الفلسطيني من المعبر دكا خسيسا ولا أخلاقي حتى تبدو وكأنها المسيطرة الأمر الذي كان له أبلغ الأثر لدى مصر التي قامت على الفور بعمل تعديلات فنية أوقفت نوايا إسرائيل الرديئة ليستمر تدفق المساعدات الإنسانية من خلال معبر رفح ولأن مصر تعودت على التعامل مع الأشياء -كل الأشياء- بوضوح وشفافية لم تحاول تضييع الوقت فيما لا يفيد وفتحت أبواب مستشفياتها لعلاج الجرحى والمصابين فضلا عن إجراء أدق العمليات الجراحية لمن طردتهم إسرائيل من مستشفياتها ومنعت عنهم الدواء والعلاج.. فوقف العالم كله مشيدا وشاكرا بل ومتحملا كافة السخافات من جانب الإسرائيليين في لحظات حرجة وأليمة.
***
والآن بالرغم مما اتخذته المحكمة الجنائية الدولية من قرارات وبالرغم من المواقف الجديدة من جانب كبار العالم فمازالت إسرائيل تمارس عمليات القتل الباردة ضد الفلسطينيين ولا أحد يتدخل بحسم..!
كل ما هنالك تصريحات تسخن أحيانا وتبرد أحيانا أخرى ليستمر الوضع على ما هو عليه.
***
في النهاية تبقى كلمة:
ليس منا أو معايرة حينما نقول إن القضية الفلسطينية منذ اندلاع شرارتها عام 1948 لم تلق من التأييد والمساندة والعطف والمشاطرة مثل ما تقدمه مصر برضا وإيمان ويقين من جانبها بأنها قضية العرب الأولى ولا شك.
 لكن أحيانا يكون الكلام لمجرد الاستهلاك المحلي وأحيانا أخرى لتتصل الجسور بعضها مع بعض حتى تتحرك معدات الأمل وماكينات التفاؤل في مواجهة مشاعر اليأس والاستسلام وصولا إلى مواكبة الشجاعة والجرأة وبث روح العزم والإصرار في القلوب -كل القلوب حتى ترتفع أعلام النصر من كل الأراضي الفلسطينية وعندئذ لن نعاير ولن نحن بل سوف نزهو ونفتخر بالتضامن العربي بصرف النظر عمن شارك في رسم ملامح الصورة الجديدة أو لم يشارك.
***
و..و.. شكرا