مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 13 فبراير 2024
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

سيظل التاريخ يذكر بأحرف من نور مدى إصرار القيادة السياسية في مصر على إنشاء السد العالي بصرف النظر عما يمكن أن يعانيه هذا المشروع من عقبات وصعاب وبالفعل عندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر عن نية الحكومة القيام بهذا المشروع العملاق من حصيلة قناة السويس التي كان عبد الناصر انتزعها من براثن الأجانب وجعل منها شركة مساهمة مصرية.. حتى هاجت الدنيا في أوروبا حيث تركزت تصريحات زعمائها لاسيما في بريطانيا وفرنسا على منع مصر من بناء هذا المشروع بشتى السبل والوسائل وقد بدأت الإجراءات الانتقامية في هذا الصدد بالإيعاز إلى صندوق النقد الدولي بسحب التمويل الذي كان قد قرره لهذا الغرض مما أثار حفيظة جمال عبد الناصر واتجاهه على الفور إلى روسيا التي رحبت بالتعاون معنا في عملية بناء السد العالي حتى تم وضع حجر الأساس يوم 9 يناير عام 1960 وتدخل مصر في موجة تحدٍ عالمية استمرت عشر سنوات كاملة ليخرج السد العالي إلى النور بطول 3600 متر عرض القاعدة و980 عرض القمة وارتفاع 111 مترا وبلغت تكاليف بناء السد في هذا التوقيت مليار دولار .

من هنا يتأكد مدى التقدم الفكري لحكام مصر منذ بداية ثورة يوليو 1952 فضلا عن تمتع هؤلاء القادة بالشجاعة والجرأة ودعونا نتوقف هنا لنتساءل:
ترى لو لم تكن مصر قد أقدمت على بناء هذا المشروع الأضخم في حياتها وجاءت إثيوبيا بعد تلك الفترة الطويلة لتبني سدا عندها ماذا كان يمكن أن يحدث؟
الإجابة باختصار شديد.. فقدنا رصيدنا الإستراتيجي من المياه بعد أن كانت تذهب هباء ليبتلعها البحر الأبيض المتوسط..
ليس هذا فحسب بل إن السد العالي ساعد على حماية البلاد من الفيضان والجفاف في آنٍ واحد وأيضا الإسهام في توليد الكهرباء وفي زيادة الرقعة الزراعية من خمسة ملايين فدان و500 ألف إلى سبعة ملايين و900 ألف فدان.
ثم..ثم.. لقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يقيض ابنا صادقا في أقواله وأفعاله ودارسا لتاريخ بلاده فكانت هذه الجهود والمبادرات المستمرة للحيلولة دون أية محاولات خبيثة النوايا تستهدف الإضرار بالسد في نفس الوقت الذي يقرر فيه القيام بأعمال صيانة متكاملة وتحديث وتجديد لا تتوقف للسد العالي الذي قالت الهيئة الدولية للسدود إنه تفوق على 122 مشروعا عملاقا على مستوى العالم.
على الجانب المقابل فإن توجيهات الرئيس الدائمة والمستمرة تقضي بتوفير كل ما يحتاجه السد العالي حاليا من برامج وخطط مهما بلغت من ملايين الجنيهات ليظل دائما وأبدا رمزا للإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تلين والإدراك الواعي لمصالح الشعوب.. كل الشعوب.
***
و..و..شكرا