مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 01 مارس 2024
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

هل من المنطق في شيء أو من العقل في أشياء أنه في الوقت الذي تخطو فيه مصر خطوات واثبة إلى الأمام.. ويتجه شعبها بكل ما أوتي من قوة لبناء جمهوريته الجديدة القائمة على العلم والعمل الجاد والإخلاص واليقين..!

أقول: هل معقول أن يحدث ذلك بينما معديات عبور نهر النيل البدائية مازالت تنقل إخواننا وأهالينا من الضفة الشرقية للنهر إلى الضفة الغربية والعكس من خلال معديات متهالكة قديمة وتحمل من بين ما تحمل قطعانا من الحمير والبغال والبقر والجاموس فتكون النتيجة غرقها وغرق ما فيها من إنس وحيوان وجماد ؟!
منذ أيام غرقت المعدية التي تعبر نهر النيل من قرية نكلا بمحافظة الجيزة إلى مدينة شبين القناطر ولا أريد أن أقول قرية إذ تتوفر بها كل مقومات المدنية الحديثة وأبناؤها من تجار اللحوم والأسماك سواء بسواء يركبون أحدث السيارات وأغلاها فكيف بعد ذلك يسمحون بهذا التخلف الذي ليس له حدود..؟!
***
ولعل ما يثير الدهشة والعجب أن التصريحات التي تصدر من مسئولي تشغيل المعديات لم تتغير على مدى الأزمنة والعصور ومن بينها: المعدية انتهى عمرها الافتراضي وصاحبها لم يحاول تجديدها وبالتالي إصدار التراخيص الذي يضم في بنوده سلامة الركاب؟!
ملف التشغيل غير موجود ولم يجئ أحد لفحص المعدية وتحديد ما إذا كانت قادرة على عبور النهر العزيز أم سرعان ما تغمرها المياه..!
إذا ما تحركت واحدة فوق سطح المعدية.. التراخيص تصدر من وزارة الري دون أدنى تنسيق مع وزارة الحكم المحلي أو مديريات الأمن وبالتالي عندما تحل المأساة سرعان ما يتبادل كل هؤلاء الاتهامات فيما بينهم ثم يتم إخراجهم من سرايات النيابات بشرط تقديم شهادات الصلاحية الجديدة.
وطبعا لا أحد يعرف ما إذا كانت تلك الشهادات صادرة بالفعل من الهيئات المختصة أم أن الحكاية كلها تستهدف تهدئة خواطر أهالي القتلى والجرحى ثم سرعان ما تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.
***
على الجانب المقابل ربما لا تدري مجموعات كبيرة من المواطنين أن معظم الذين يستخدمون المعديات البدائية هم في الأساس يملكون الثروة والنفوذ وأيضا القوة بحكم انتمائهم لجماعات رسخت أقدامها في المنطقة بالأصوات العالية والخناقات المزعومة والتي سرعان ما تنشب وسرعان ما تنفض..!
***
أيضا فإن ما طرأ على تلك المعديات من تغير يقتصر على زيادة التعويض الذي بدأوا يصرفونه لأقارب القتلى والذي بلغ هذه المرة 200 ألف جنيه لأسرة المتوفى وطبعا لأن الناس هناك غلابة ومساكين فإنهم يرضون بالمبلغ الكبير انتظارا لوقائع أخرى جديدة بحيث تنشأ في مناطق معينة على ضفاف نهر النيل جماعات تتاجر في "الدية" التي يقبلها البعض ويرفضها البعض الآخر بينما الآخرون يتفاوضون مع بعضهم البعض من أجل زيادتها..!
دنيا..!
***
و..و..شكرا