سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان "...وهكذا ينعم المصريون بالبصر والبصيرة معا "

بتاريخ: 28 يناير 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*..وهكذا ينعم المصريون بالبصر والبصيرة معا

*مبادرة" نور حياة" تنقذ الملايين من مضاعفات أمراض العيون

*تصوروا 90% من المكفوفين وضعاف البصر يعيشون في الدول النامية

*الآن.. يزول "العائق المادي" ويصبح الناس أكثر حماسا للكشف على  "الجوهرة الغالية" 

نعمة البصر وهبها الله سبحانه وتعالى لعباده، وهي من أغلى النعم ورغم ذلك لا يشعر بها إلا من افتقدها.!!

 لذا.. يقولون: العين تاج الحياة.. وزمان.. كانت أمهاتنا وجداتنا تدعون لنا الدعاء التقليدي: " رب.. ينور بصرك.. وطريقك".. أي أن العين مرتبطة بمسيرتك في هذه الدنيا.. وبالتالي هي من أهم أدواتك لكي تتعلم.. وتدرس..وتتفوق .. وتبتكر .. وتبدع.. ويكفي أن الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز يقول:"

وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور.. ولا الظل ولا الحرور".. يعني من فقد هذه النعمة عاش في ليل حالك لا يدرك بعده أو قبله نهارا.

عدد من فقدوا أبصارهم في العالم يبلغ 45 مليونا ومن المتوقع أن يقفز العدد إلى 75 مليونا بعد عام أو عام ونصف.. وهو رقم يدعو للخوف والفزع خصوصا أن الإحصائيات تقول إن 90% من المكفوفين وضعاف البصر يعيشون في البلدان النامية.. مع الأخذ في الاعتبار أن الأسرة التي تضم بين أفرادها شخصا فاقد البصر تبلغ معاناتها أقصى مدى..فما أقسى على النفس .. أن يفقد الصغير منذ نعومة أظفاره القدرة على التمييز بين الأشياء.. أو أن يحيا منعزلا .. بعيدا.. تتقاذفه قطع الأثاث هنا وهناك.

البلدان النامية المقصودة موجودة في إفريقيا وآسيا .. والعالم العربي وحده به سبعة ملايين كفيف والذين ينضم إليهم واحد كل خمس ثوان.

ما يثير الشجن والأسى.. أن انعدام التشخيص والعلاج يسبب الكارثة.. فكم من حالات كان يمكن إنقاذ عيون أصحابها في مرحلة مبكرة.. لكن تبدد الأمل مع مرور الوقت.

*** 

من هنا .. فإن "نور حياة" هي مبادرة رسخت المعنى وعبرت عن  المفهوم بالضبط كما يعبر اسمها.

لقد أطلق الرئيس السيسي تلك المبادرة بدعم مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" وتستهدف العلاج المبكر للعيون ومكافحة ضعف وفقدان البصر.

نعم.. العلاج المبكر أساسي.. وضروري حيث يسهل فيما بعد تلافي المضاعفات التي يمكن أن تحدث وما أكثرها.

وللأسف نحن في مصر نتعامل مع أمراض الرمد بلا اكتراث شأنه شأن كثير من مجريات حياتنا.. فكل من يشعر بألم في عينيه.. يجد في " القطرة" الحل الذي ليس هو بحل على الإطلاق.. فكم من مبصرين تحولوا إلى مكفوفين نتيجة إهمالهم أو إهمال ذويهم في اتباع أساليب العلاج المبكر.

***

واضح أن مبادرة "نور حياة" سوف تلقى ارتياحا جماهيريا كبيرا لأسباب عديدة.. أنها ستحث الناس على الاطمئنان على عيونهم وعيون أولادهم ومن احتاج لعملية جراحية فسوف تجرى له .. ومن تستدعي حالته "نظارة طبية" فلن يجد صعوبة في توفير ثمنها.. وبصراحة هناك كثيرون ليس لديهم ما يكفي هذا الثمن.

*** 

ولعلها مناسبة أن أروي حكاية شخصية بالنسبة لي:

فتاة من أسرتي استيقظت ذات الصباح .. والألم يعتصر عينيها.. بادر الأب بعرضها على الطبيب.. الذي  وصف لها نوعا من القطرة.. التي لم تأت بنتيجة تذكر..!

المهم.. ترددت الصغيرة على أكثر من طبيب حتى جاء في النهاية من ينصح بضرورة إجراء عملية جراحية تتكلف خمسة آلاف جنيه..!

 في ذلك الوقت.. الستينيات تقريبا.. كان الخمسة آلاف جنيه تمثل مبلغا ليس بالهين..!

المهم.. اقتصرت الأسرة على علاج ابنتهم بالوسائل العادية بعد استبعاد فكرة العملية الجراحية.

تُرى ماذا حدث..؟

بعد حوالي ثلاثة أو أربعة أعوام فقدت الفتاة البصر تماما.. وحينما قرر أبوها إجراء العملية.. كان الميعاد قد فات.. حيث دُمرت أعصاب العين كاملة.. ولم يعد التدخل الجراحي يجدي بشيء.

***

الآن مثل هذه الفتاة ..لن يداهمها عنصر الوقت ولن يقف المال عائقا أمامها..

مبادرة الرئيس السيسي والتي تستهدف أول ما تستهدف الكشف على خمسة ملايين طالب بالمرحلة الابتدائية فضلا عن 2 مليون مواطن ممن هم أولى بالرعاية..

كذلك توفير مليون نظارة طبية وإجراء250 ألف عملية جراحية في العيون.. نقلة نوعية بكل المقاييس.. تمس صميم حياة الناس في مصر ليصبح هذا المجتمع بإذن الله عما قريب مجتمعا مبصرا.. وبصيرا في آن واحد.. وما أحلى وأجمل هاتين الميزتين الغاليتين .. البصر.. والبصيرة.

***