سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان " الواقع المصري يتكلم ويشهد مستندا إلي مبادئ حقوق الإنسان "

بتاريخ: 31 يناير 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis
رأيت أن أبدأ هذا التقرير اليوم بإشارة غير عابرة إلي ما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث إن كثيرا ممن يتحدثون عن تلك الحقوق ويزعمون أنهم مدافعون عنها لم يقرأوها أصلا..! 
مثلا.. تنص المادتان الأولي والثانية علي أن كل إنسان له حق التمتع بحرياته دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي كما تنص المادة الرابعة علي عدم جواز استبعاد أي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أنواعها.. وتنص المادة السابعة علي أن الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحقوقهم متكاملة دون أي تفرقة..! 
ودعونا أيضا نتمعن قليلا في المادة 21 التي تؤكد صراحة أن ممارسة الحقوق.. والحريات لابد أن تكون في إطار القانون حماية لمصالح الغير.. واحتراما للمجتمع بصفة عامة بكافة مكوناته وشتي خلاياه..! 
ويستمر الإعلان علي هذا الأساس مؤكدا علي حرية العمل وحق الإجازات والحصول علي أجر عادل أثناء المرض..حتي يصل إلي المادة "29" وهي المادة قبل الأخيرة التي تقرر أن كل فرد له واجبات نحو المجتمع.. ويخضع في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يقررها القانون لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها لتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق. 
*** 
بصراحة.. كل ما ورد بالإعلان يتم تطبيقه في مصر.. فالناس هنا جميعا سواسية.. ولا نعرف أبدا أي صورة من صور التمييز أو التفرقة.. وقوانين العمل مصانة ويتم تنفيذها بدقة ووفقا لما يحقق مصلحة العامل وغير ذلك مما تعرض له الإعلان وما أشرت إليه آنفا. 
إنها مقدمة وجدت أنها ضرورية اليوم حتي تستبين الحقائق.. وحتي لا تكون حقوق الإنسان مثارا للمتاجرة أو المزايدة سواء من هنا أو هناك..! 
*** 
وهكذا.. يمكن القول بكل وضوح.. وصراحة.. إن الواقع المصري يشهد علي ما يجري مستندا إلي تلك الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي والتي اتفقنا علي أن من يتحدثون عنها.. لم يقرأوها.. أو أنهم قرأوها ونسوا.. أو لم يدققوا في معانيها ومضامينها بما فيه الكفاية. 
هذا الواقع يقول إننا نقيم بنيان مجتمع من الأصحاء.. أفراده تخلصوا أو أوشكوا علي الخلاص من أخطر مرض.. وهو التهاب الكبد الوبائي "فيروس سي" وأصبحوا أو أصبح من يحتاج منهم يتلقي علاج مرض السكر ومرض الضغط بالمجان ومعروف أن الاثنين يهددان الكيان.. 
نفس الحال بالنسبة لمن فقدوا البصر.. أو يعانون من ضعف في الإبصار.. وقد نظمت من أجلهم - كما نعلم- حملة باعتمادات تبلغ مليار جنيه بصفة مبدئية. 
طبعا.. ناهيك عن الشقق التي قدمتها الدولة مجانا لأهالي العشوائيات"السابقة".. والمؤثثة تأثيثا حضاريا.. فضلا عن إخلاء الشوارع من الأطفال المشردين.. والمتسولين.. والعجزة ونقلهم إلي دور يتلقون بداخلها المأكل والمشرب والكساء والعلاج.. وكل شيء..! 
ثم..ثم.. أليس من أهم حقوق الإنسان.. أن يكون هو السيد علي أرضه.. لا يشاركه فيها كائن من كان.. بل ولا يقدر قريب أو جار أو عدو علي الاقتراب منها..؟! 
ها هي القوات المسلحة.. والحمد لله نجحت في تطهير سيناء من الإرهاب.. وفي حماية حدودنا من كافة الاتجاهات بحيث لم يعد في مقدور الإرهابيين ودعاة العنف أن يطلوا برءوسهم من جديد إلا فيما ندر. 
كل هذا يتم تطعيمه بتعليم يتطور تطبيقا لأهم مبادئ حقوق الإنسان الذي يجب أن ينال نصيبه من العلم والتعلم والمعرفة في مختلف مجالاتها. 
*** 
ليس هذا فحسب.. بل نحن نقدم لكل من يهمهم الأمر سواء في الداخل أو الخارج شهادة حق.. صادقة.. ومنزهة عن الهوي تشمل الحقائق الآتية: 
* اقتصادنا ينمو.. والدلائل كثيرة.. آخرها.. انخفاض الدولار أمام الجنيه بما يقرب من 28 قرشا.. مع تأكيدات من البنك المركزي علي استمرار هذا الانخفاض كذلك انخفاض معدلات التضخم إلي 12% حسب آخر تصريحات وزيرة التخطيط والمتابعة. 
* الصين علي سبيل المثال والتي بلغت نسبة النمو الاقتصادي بها نحو 6,6% بدأت في إغلاق العديد من المصانع وتسريح العاملين ووقف صرف الأرباح.. بل وامتناع المستثمرين عن تشغيل أموالهم..! 
* بالنسبة لدول أوروبا فها هو اليورو "العملة الرسمية" لم تعد له قيمة شرائية تذكر وسط ارتفاع معدلات التضخم وعدم مواءمة الأجور مع الأسعار وزيادة نسبة البطالة..و..و..! 
ينطبق هذا علي تلك الدول الأوروبية بلا استثناء من أول فرنسا وحتي اليونان وإسبانيا مرورا بألمانيا.. وبلجيكا.. وهولندا.. وغيرها..! 
في نفس الوقت ثمة مشكلة صارخة أخذت تؤرق مضاجع البريطانيين المهاجرين إلي بعض الدول الأوروبية..! 
إنهم لا يعرفون ماذا سيئول إليه مصيرهم بعد خروج وطنهم الأم من الاتحاد الأوروبي..! 
من لديهم منهم استثمارات يخشون من إلغاء التسهيلات الجمركية والضريبية الممنوحة لهم..! 
أما الموظفون منهم فيتوقعون الاستغناء عن خدماتهم..! 
يبقي أصحاب المعاشات الذين يملأون الدنيا صياحا من الآن.. حيث لا يستبعدون وقف معاشاتهم من الدول التي هاجروا إليها باعتبارهم بعد الانفصال أجانب والأجنبي لا يحق له معاش.! 
ومشاكل وأزمات أخري عديدة ومتنوعة لا أحسب أن المتشدقين بحقوق الإنسان وضعوها في اعتبارهم من قريب أو من بعيد..! 
*** 
إزاء تلك الحقائق الثابتة لابد من إعادة تذكير الحاضرين والغائبين بما جري في بلدان أخري أصابها ما أصابها من تمزق.. وتقطيع أوصال وحروب أهلية.. وهروب الملايين إلي معسكرات للإيواء تكاد تستر أجسادهم العارية مع حصولهم علي القدر اليسير من الطعام والشراب والدواء. 
ها هو اليمن الذي تحول مواطنوه إما إلي قتلي.. أو مصابين مشوهين من آثار نيران الحرب.. أو أو أسري جماعات الإرهاب.. وما يثير الحزن والأسي إن "النهاية المحتومة" لم تعد معروفة وسط هذه الميوعة من جانب المجتمع الدولي الذي يوفد مبعوثين لا طعم لهم ولا لون ولا رائحة. 
كذلك.. ليس العراق ببعيد فقد مزقه وتمزقه الصراعات العرقية العنيفة والتدخل الإيراني السافر في شئونه وانصراف أصحاب النفوذ إلي نهب المال بحيث لم تعد الثروة ثروة الوطن.. بل باتت نهبا للأطماع والجشع والإصرار علي القضاء قضاء مبرما علي أي بصيص أمل يلوح في الأفق..! 
نفس الحال بالنسبة لسوريا التي تتقاذفها الأمواج بعد أن عصفت الرياح بحاضر أبنائها ومستقبل أجيالها القادمة.. وبديهي أن يتمسك المستعمر بتلابيب من جاءهم يوما بحجة إنقاذهم من براثن الشر بينما هذا المستعمر وأمثاله هم الشر بعينه. 
إن الاتفاقات التي وقعتها بالأمس سوريا مع حكام طهران إنما ترسخ الاحتلال بكل ما تحمله الكلمة من معني.. وتوسع قواعد ميليشيات الحرس الثوري التي هي الآن صاحبة الأمر والنهي والتحكم في شئون العباد بشتي أرجاء الوطن السليب..! 
وباختصار شديد مقتضب الكلمات فليبيا لم تعد ليبيا ولا الصومال باتت صومالا بعد أن أنهكت الحروب شعبيهمها ليتحكم المدفع والقنبلة والطائرة في شئون البشر الذين يعانون الأمرين في أبسط مجريات حياتهم..! 
*** 
بعد هذا العرض الذي تسنده الأرقام والإحصائيات والوقائع اسمحوا لي أن أطرح سؤالا مهما وبديهيا: 
هؤلاء المدونون الذين يملأون الساحة بأكاذيبهم.. ورواياتهم المفبركة.. وذواتهم المريضة.. هل يمكن مقارنتهم بمن يتخذون من العمل والبناء والأخلاق والشرف دستورا لحياتهم..! 
وبالمناسبة.. إنه عار ما بعده عار علي أولئك الذين نشروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تلك الفيديوهات الجنسية التي يندي لها الجبين والتي تعكس انحطاطا ما بعده انحطاط. 
كلمة عيب.. ضئيلة وضئيلة جدا إزاء هذا الجرم الأخلاقي الدنيء. 
*** 
وتأتي الجزائر لتقفز من جديد علي مسرح الأحداث..! 
فهناك يبحثون حاليا عن رئيس للجمهورية بعد تعذر ترشح عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي بسبب حالته المرضية الحرجة وإصابته بجلطة في المخ تكاد تمنعه من الحركة..! 
لقد بلغ عدد المرشحين لهذه الانتخابات التي ستجري يوم 18 إبريل القادم والتي يشارك ما يقرب من 23 مليون جزائري لهم حق التصويت. 
أقول بلغ عدد هؤلاء المرشحين حتي الآن ما يزيد علي 12 مرشحا وعلي الفور.. بادرت ما تسمي بحركة مجتمع السلم وهي المتمثلة في إخوان الجزائر بالإعلان عن خوض الانتخابات وكعادتهم في التضليل دائما قالوا أو زعموا بأنهم ليسو طالبي كراسي.. بل إن حضور الحركة داخل الحكومة يجب أن يكون قويا ومؤثرا.. ويتساءل "عبد الرزاق مقري" رئيس الحركة متهكما:" ماذا نفعل بوزير أو وزيرين"..! 
وهكذا كشروا عن أنيابهم مبكرا.. وفي جميع الأحوال سواء شاركوا أو لم يشاركوا.. فازوا بالانتخابات أو لم يفوزوا.. فهم - كالعادة - سيشيعون الفوضي ويبثون الذعر والفزع في قلوب الناس..! 
*** 
إليك مسك الختام 
اخترت لك هذه الأبيات من أشعار المتنبي: 
سعيت مناديا والقلب طير 
يرفرف نحوها والعين ماء 
تسابق من عظيم الشوق قلبي 
مع الشاقين يسعفها السخاء 
فنادي القلب.. يا قدمي سيرا 
فأسلمها إلي الركض الوفاء 
قربت ومن فناها عند ليل 
كأن الأفق فجر وارتقاء 
أعانقها كأضلاعي لقلبي 
وأحضنها فيغمرها البهاء 
*** 
..و..وشكرا