سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " عناد الزعماء.. واللعب بالاتفاقيات النووية "

بتاريخ: 06 فبراير 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*عناد الزعماء.. واللعب بالاتفاقيات النووية

*الخناقة الدائرة بين واشنطن وموسكو..

هل يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية..؟!

*أبدا.. لا ترامب يستطيع.. ولا بوتين لديه رغبة المغامرة!

*أوروبا.. تتحسب .. والعرب لا يكترثون

*الرئيس الأمريكي يغير موقفه ويؤكد عدم انسحاب قواته من العراق

الهدف مراقبة إيران.. ووضعها دائما أمام عينيه

عندما اشتد الصراع بين القوتين الأعظم وهما أمريكا والاتحاد السوفيتي .. ظهر مصطلح سياسي سمي "الحرب الباردة" تعبيرا عن التنافس الحاد في امتلاك أحدث الأسلحة واتباع أكثر وسائل التكنولوجيا تقدما..!

استمر هذا الوضع المتوتر منذ منتصف الأربعينيات.. ليشتد حدة خلال حقبة الثمانينيات.. إلى أن انهار الاتحاد السوفيتي على يد ميخائيل جورباتشوف وبالتالي أصبح الملعب خاليا أمام أمريكا..!

***

هذه الأيام تعود "الحرب الباردة" لتشتد وتصبح أكثر سخونة مقارنة بأي وقت مضى.. بسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف العمل بمعاهدة الصواريخ النووية التي سبق توقيعها مع روسيا ومنحها ستة شهور مهلة لتدمير منظومة صواريخ كروز التي قامت بتطويرها مؤخرا..!

طبعا.. استشاط الرئيس الروسي فلادمير بوتين غضبا ليبادر بدوره بتعليق نفس المعاهدة رافضا المهلة الأمريكية..!

ليس هذا فحسب بل أعلن عن اتخاذ إجراءات إنتاج صواريخ جديدة أسرع  من الصوت.. تطبيقا لمقولة: "لا أحد أحسن وأفضل من أحد"..!

على الجانب المقابل انتفضت أوروبا خوفا وفزعا خشية أن تتحول أراضيها إلى ساحة مواجهة نووية بين واشنطن.. وموسكو أما العرب فقد بدوا كالعادة وكأنهم غير مكترثين ولسان حالهم يقول..إن اشتعال حرب عالمية جديدة ليس من السهولة بمكان لأسباب عديدة .. لعل أهمها أن ترامب نفسه الذي يملأ الدنيا صياحا كل يوم بتهديداته وتغريداته لا يمكن أن يتورط فيما ليس له طاقة به.. كذلك بوتين الذي يضع الشئون الداخلية في بلاده على قائمة أولوياته لا تتوفر لديه رغبة المغامرة.. التي يمكن أن يسفر عنها ما لا يحمد عقباه..!

***

إذن.. لماذا كل تلك التصريحات المتبادلة والتي تشيع غيامات الظلام بين البشر بدلا من نشر ومضات الأمل والتفاؤل..؟!

يقول خبراء الحرب والسياسة إن الزعماء يأتي على كل واحد منهم يوم يسعى فيه إلى الإيحاء بأنه الأقوى.. والأبلغ نفوذا وتأثيرا.. بل والأعظم..!

والرئيس ترامب منذ أن تم انتخابه.. وهو دائم الحديث عن عظمة أمريكا .. وقوة اقتصادها.. وامتلاكها لأكبر ترسانة حربية على مستوى العالم بما فيها "الزر" النووي الشهير.. وهو يرى أن من حقه التباهي والزهو بذلك.. طالما لا يوجد  من لديه القدرة على منافسته..!

أما الرئيس الروسي بوتين.. فهو يسابق الزمن لكي يعيد إلى بلاده.. مجدها أيام الاتحاد السوفيتي لكنه يعرف أنه مطالب أولا ببناء اقتصادها على أسس قوية ومتينة والعمل على تحقيق الرفاهية لشعبها ورغم أنه يضطر أحيانا لمجاراة ترامب لأقصى الحدود والرد على تهديداته بنفس اللهجة لكنه يشعر في قرارة نفسه.. أن الوقت لم يحن بعد لبلوغ أعلى درجات السلم..!

***

الأهم.. والأهم.. أن واشنطن شغلها الشاغل.. إيران التي توقن تماما بأنها "أسُّ" البلاء في منطقة الشرق الأوسط .. ومنبع تصدير الإرهاب للدنيا بأسرها..!

ولعل ذلك ما يدعو الرئيس ترامب لأن يؤكد -لاسيما في الآونة الأخيرة- عدم انسحاب قواته من العراق بحجة مراقبة نشاط إيران النووي.. فهو يريدها أن تكون دوما تحت بصره..!

بديهي.. الواقع غير ذلك تماما فليس من المعقول أن الحرب التي أنفقت أمريكا بسببها مليارات الدولارات في عملية غزو العراق.. لا يمكن أن  تنتهي دون غنائم..!

لا ..وألف لا.. الغنائم كثيرة وهائلة ولن تفرط فيها أمريكا تحت وطأة أي ظرف من الظروف الأمر الذي يستدعي بقاء قواتها إلى نهاية المدى..!!

ثم..ثم.. إن قواعدها هناك يمكن أن تمثل إزعاجا للروس حتى ولو لم تكن النية متوافرة لاستخدامها في حرب ضدهم..!

***

إنه عالم يغلي.. ومع ذلك فالبركان يتعذر انفجاره إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا..!

***