سمير رجب يكتب مقاله "غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " الأحكام الغيابية.. حرام وألف حرام! "

بتاريخ: 10 مارس 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*أضم صوتي للدكتور شوقي السيد:

*الأحكام الغيابية.. حرام وألف حرام!

*لا تندهش إذا اقتادوك يوما للسجن عقابا على جريمة.. لم تسمع عنها شيئا.؟!

*السؤال: أليست البراءة غيابيا.. أولى من الإدانة..؟!

أثار د.شوقي السيد في مقال من مقالاته المتفردة والمميزة والتي ينشرها في عدد من الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي قضية بالغة الأهمية..وهي الأحكام الغيابية التي تقضي بسجن بريء عاما أو عامين..بل وربما مؤبد دون أن يعلم الضحية عن القضية شيئا.. فلا أحد أبلغه.. ولا إخطار.. من أي جهة رسمية.. تلقاه.. فغالبا يصل سوء القصد مداه بتدوين العبارة التقليدية: غير معروف العنوان..!

***

النتيجة.. أنك وأنت في سيارتك.. إذا أوقفتك لجنة مرور وقدمت بطاقتك.. سوف تفاجأ بالضابط أو الأمين يقول لك في غضب وتحد:

تعال معنا.. يا سيد..!!

وأنت على الجانب المقابل تصاب بالذعر والخوف.. وأيضا الدهشة لتتساءل:

Xآتي معك إلى أين..؟!

*إلى قسم الشرطة طبعا.. ومنه إلى إدارة تنفيذ الأحكام!

عندئذ ..تضرب كفا بكف.. لكن لا مناص من أن تستجيب للتعليمات وإن كان أعضاء الكمين يستشعرون في قرارة أنفسهم .. أنك مجرد ممثل بارع.. تريد أن تنفي عن نفسك تهمة السرقة.. أو الاغتصاب.. أو حتى القتل..!

***

ثم..ثم.. تظل تنتقل من قسم إلى قسم.. ومن مديرية أمن لمديرية أمن.. ووراؤك بلهفة محاميك.. وأسرتك..

وبعد عذاب أليم .. تكتشف أنك ضحية حكم غيابي قلب حياتك رأسا على عقب..في غفلة من الزمن..!

وطبعا..حتى تحصل على البراءة .. تحتاج إلى شهور وشهور وربما سنوات.. حيث ينص قانون الإجراءات الجنائية على ضرورة حضورك بشحمك ولحمك أمام المحكمة وتدخل القفص حيث لا يجوز توكيل محام ينوب عنك..!

كل ذلك .. وفرائصك ترتعد .. بينما العيون كلها مركزة على حركاتك وسكناتك ومنهم من يساوره الشك في براءتك.. بل ربما تحدثه نفسه المريضة  بأنك بالفعل.. حرامي.. أو نصاب..أو مغتصب..!

أعرف سيدة جليلة محترمة.. تشغل وظيفة مرموقة جاءتني وهي تنتحب وتكاد تلطم خديها لتقول:

Xتصور صدر ضدي حكم بالسجن ستة شهور بتهمة سرقة مياه..!!

* أي سرقة مياه وأنا أعرف أنك تقضين معظم وقتك في الخارج .

هنا.. أخذت تروي كل التفاصيل.. والألم يعتصر قلبها:

والدي أهداني شقة.. سجلها باسمي ولم تطأها قدمي يوما..فقد شكرت الوالد على مشاعره وعلى اهتمامه بي..وانتهى الأمر..!

وفجأة.. جاء من يبلغني بالحكم الصدمة .. لقد دون مندوب شركة المياه معدوم الضمير أمام اسمي عبارة غريبة تقول: عدم تركيب وصلة.. واعتداء على موظف أثناء تأدية عمله..!

تضرب السيدة كفا بكف.. وتعاود سؤالي وهي تنتفض:

X بالله عليك..وأنا التي لا يزيد وزني كله على خمسين كيلو جراما يمكن أن أضرب..أو أشتم.. "رجلا" هو في الأصل فاقد الضمير..وقد يكون "فتوة" يحمل معه "مقصات" وكماشات..وشواكيش..و..و..!

***

المهم..لقد علمت بعد ذلك.. أنه قد صدر حكم التصحيح والذي يقضي بوقف التنفيذ .. وليس البراءة لأن القانون أيضا في مثل هذه الحالات.. يكتفي بالجزء.. وليس بالكل..!

وفي النهاية يطالب د.شوقي السيد وهو رجل قانون فاهم ودارس وواعٍ.. بضرورة إصدار تشريع يلغي ما يسمى بالأحكام الغيابية إلا بعد التأكد من سلامة الإجراءات وأولها  حيادية الإبلاغ وصحة البلاغ .. في نفس الوقت الذي تكون فيه البراءة غيابيا .. وليس الإدانة فقط..!

***

صدقوني .. إنها بالفعل.. مشكلة تؤرق المجتمع عن بكرة أبيه.. فمن يضمن ألا يأتيه ذات يوم حكم بإحالة أوراقه للمفتي..؟!

..و..و..ولا تعليق..!