*الحكاية .. ليست ببعد المسافة.. ولكن بالإرادة .. والحب.. والتعاطف
*تحية لرئيسة الوزراء الجدعة "جاسيندا"
قررت.. وحسمت..وتعاطفت لتؤكد أنها بعشرة رجال!
*ها هو الواقع يثبت.. أن كلا من المسلمين والمسيحيين لابد أن يعيشوا في وئام وسلام وإخاء
16 ألفا و371 كيلو مترا.. هي المسافة ما بين القاهرة عاصمة مصر المحروسة.. وأوكلاند عاصمة نيوزيلندا.. وهي مسافة طويلة تحتاج إلى ساعات.. بل ربما أيام لقطعها..لكن الجريمة الغادرة التي وقعت منذ أيام في واحدة من أشهر مدن نيوزيلندا وهي مدينة "كرايست تشيرش" أكدت أنها دولة حضارية بكل المقاييس تعاملت مع الأحداث بشفافية .. وصدق.. ومحبة ما بعدها محبة كما أثبتت أن كلا من الدين الإسلامي .. والدين المسيحي سوف يظل أتباعهما يحملون في وجدانهم أسمى أنواع المحبة.. والإخاء.. والتقارب الروحي..!
أقول ذلك لأن المدينة التي اختارها المجرم المتطرف لسفك دماء 50 مصليا داخل مسجدين..هي مدينة غالبية سكانها من المسيحيين فضلا عن أنها تحمل اسم"كرايست تيشرش" يعني كنيسة المسيح..ومع ذلك فقد خرج سكانها عن بكرة أبيهم ليشيعوا جثامين إخوانهم المسلمين.. ولكي يؤدوا صلاة الجمعة جنبا إلى جنب معهم..ولكي يستمعوا إلى الأذان معا..وهم يقفون صفوفا متراصة..الرجال يرفعون أياديهم للسماء داعين الله سبحانه وتعالى أن يعيدوا السلام لبلدهم.. الوادع الآمن .. بينما السيدات يرتدين الحجاب وعلى رأسهن جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء التي بدت وكأنها بعشرة رجال .. حيث تفاعلت مع الأحداث منذ اللحظات الأولى واتخذت عدة قرارات سياسية على قدر كبير من الأهمية فضلا عن إصرارها على أن تظل بلدها كما كانت دائما رمزا للتعايش السلمي بين الحضارات.
لقد أمرت بمنع تداول الأسلحة نصف الآلية على أن يقوم حائزوها بتسليمها فورا..وقد استجابوا.. كما أصدرت توجيهات للإذاعة والتليفزيون بإذاعة الأذان على الهواء مباشرة.. وتم التنفيذ بترحاب دونما أدنى اعتراض من أي مواطن من مواطنيها ثم إصرارها على الاشتراك في مراسم دفن الضحايا واستشهادها بحديث للرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام .
باختصار شديد يمكن القول إنها رئيسة وزراء "جدعة" وصاحبة قرار .. تحمل في أعماقها مشاعر إنسانية بالغة الرقة.. لكنها مشاعر لم تمنعها من الوقوف بصلابة وإرادة حديدية ضد كل من يعيث على أرض بلدها فسادا أولهم هؤلاء اليمينيون المتطرفون..!
***
على الجانب المقابل..لقد مس إمام مسجد النور الذي شهد وقائع الجريمة الخسيسة قضية من الأهمية بمكان أرجو أن تكون محط أنظارأولى الأمر ومعهم شعوبهم في شتى أرجاء الدنيا!!
لقد دعا الشيخ جمال فودة الذي نجا من الموت بأعجوبة عندما كان الرصاص يحصد جميع المحيطين به.. الرؤساء والحكومات..لأن ينشروا التسامح ويحثوا على نبذ العنف .. وألا يتخذوا قرارات من شأنها إثارة البغضاء بين الناس وبعضهم البعض..!
***
وما يثير الدهشة والعجب.. ويدعو للتأمل والتمعن.. أن يأتي في نفس التوقيت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليؤكد تحيزه الصارخ لإسرائيل معلنا تأييده لضم الجولان لأراضيها.
أي أراضٍ تلك يا سيادة الرئيس وهم الذين لم يكونوا يملكون شبرا واحدا .. واقتنصوا ما اقتنصوه بالقهر والتجبر.. والعسف محتمين للأسف ببلدكم..!
وها أنت تكمل فصول المأساة دون مراعاة ماذا سيسفر عنه هذا الموقف المريب المنحاز.. وكأنك تتيه عجبابما قاله وزير خارجيتك بأنك مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الشعب اليهودي..!
***
يعني ..إمام المسجد في نيوزيلندا .. يحذر.. وينبه.. في الوقت الذي يتغافل فيه العالم عن حل القضية الفلسطينية .. بل بالعكس هناك من يعملون على تعقيدها أكثر.. وأكثر..!
***
على أي حال .. فليطمئن الإنسان في كل زمان ومكان.. إلى أن ما هو آت سيكون أفضل وأفضل عما هو قائم.. طالما أن أخاه الإنسان بات يدرك أن التعايش السلمي.. بين البشر.. لا يتحقق إلا بالمودة .. والتراضي.. والحق .. والعدل..!
..و..و.. وشكرا مرة أخرى لشعب نيوزيلندا ورئيسة وزرائه الشجاعة.. والمتفانية..!
***