زمان.. كان المواطن المصري إذا احتاج إلى استخراج شهادة مهمة تمس أخص شئون حياته يكون قد مضى على صدورها عدة سنوات.. لم يكن أمامه من سبيل سوى التوجه إلى إدارة المحفوظات بالقلعة ليظل يبحث عن "المستند" المفقود أو بالأحرى التائه أياما وليالي وفي النهاية إما أن يسعده الحظ أو أن يبحث عن طريق غير الطريق الأمر الذي يعد ضربا من ضروب المستحيلات.
***
أيضا زمان.. كان المواطن المصري إذا احتاج شهادة مخالصة من الضرائب فكان يلقى الأمرين كما يقولون.. وأخيرا يستقر به المقام إلى غرفة صغيرة في شقة بجاردن سيتي حيث تتكدس الملفات فوق بعضها البعض والتي تغطيها الأتربة وهذا بالطبع بحكم طول المدة..!
والحال هو نفس الحال فإما أن يخرج من هذا القبو سعيدا مسرورا أو العكس..!
***
الآن.. واضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد نقل مصر في هذا المجال من عالم إلى عالم آخر تماما.. إنه عالم الرقمنة لتختفي تلقائيا مشاكل الفرد والجماعة في آنٍ واحد.. وذلك بإنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية.. وليس عيبا أن نعترف أو بالأحرى أن أعترف أنا شخصيا بأنه لم يكن لدى أي معلومة تخص هذا المركز الذي وصفه الرئيس بأنه يفوق الخيال والذي سيوفر البيانات-كل البيانات- بدقة وحيادية والذي أنفقت الدولة الكثير والكثير من أجل إنشائه.
واضح أن الرئيس قد سبر أغوار هذا العالم وإلا ما جعله ينفق مليارات الدولارات ولمَ لا؟ بينما 90% من الكابلات البحرية الموجودة في العالم كله تمر بمصر بوصفها محورا رئيسيا لنقل البيانات والاتصالات بالعالم لتقفز إلى قمة الصفوف الأولى دون أن تناور أو تغامر لكن كل كل ما تقوم به إنما صادر عن قناعة وفهم ومتابعة مدروسة ومتميزة لما يجري في الدنيا بأسرها.
***
على الجانب المقابل فقد انتهز الرئيس السيسي الفرصة ليقدم للمصريين جميعا نصيحة خالصة لوجه الله ثم الوطن.. نصيحة تقوم على استثمار الآباء والأمهات في أبنائهم.
واسمحوا لي هنا أيضا بوقفة.. فنحن لن نضيف جديدا إذا قلنا إن الرئيس يتعايش مع الوطن والمواطنين ويساند قضاياهم من أجل حلها وهذا ما حدث بالفعل.
لذا.. فإن عبارة الاستثمار في الأبناء عكس من يخص رأس المال كله لبناء العمارات.. إذ شراء الأراضي الزراعية وغير الزراعية.. والتي يجني من خيراتها بمرور الزمن أناس قد لا يمتون للمالك الأصلي بصلة.
أيضا هذا الاستثمار ينبغي أن يكون له شروطه ومقوماته ومن أهمها حماية الأبناء من مستقبل ضائع في دراسة الحقوق أو الجغرافيا أو التاريخ أو الاجتماع وتلك كلها مجالات عفا عليها الزمن.. ولا تدر على صاحبها دخلا يذكر لكن التخصص في البرمجة وعلوم البيانات فسيحقق دخلا أكثر بكثير نظرا للقلة العددية مع الأخذ في الاعتبار أن توجيه مصر للسير على هذا النهج يساعد على تجاوزها أي أوضاع اقتصادية صعبة..
حقا..الانطلاق إلى الآفاق الرحبة الواسعة لا يقدر عليه إلا من كان مؤهلا لذلك.. تنشئة.. وتربية.. وموهبة واستعدادا خاصا.
وشكرا لمن فكر.. وأبدع.. وصبر .. وثابر.. واجتهد وصنع المستحيل أو ما كان مستحيلا.
***
و..و..شكرا