أنا لن أتحدث اليوم عن تفاصيل قضية الدعم التي قررت الحكومة التصدي لها بعد سنوات وسنوات من التجاهل أو الصمت الاختياري فقد أعلنت الحكومة خلال الأيام أو الأسابيع الماضية تفاصيل الخطة بما تشمله من سلع بعينها أهمها رغيف العيش والكهرباء والوقود وغيرها.
لكن ما يهمني اليوم القول بأن القيادة التي تقيم قواعد حكمها على مصارحة الجميع هي بكل المقاييس قيادة واعية وواثقة من نفسها ولديها القدرة على تحديد الخط الفاصل بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون.
***
لقد أعلنت الحكومة أنها ستقلص حجم الدعم بالنسبة لرغيف العيش بحيث أصبح يباع اعتبارا من أمس بعشرين قرشا بدلا من خمسة قروش. وبالفعل بدأ التفيذ في الموعد المحدد .
وهكذا قضت الدولة على سياسة التردد أو الخشية من مظاهرات الاحتجاج أو..أو.. وتلك كلها أسلحة تخويف طالما وقفت حائلا أمام الحكومات المتعاقبة التي كانت تجيء وتذهب رافعة شعار "لا مساس بالدعم"الذي أصبح مثار تهكم الجماهير وهو الشعار الذي زخرت به مانشيتات الصحف وبالتالي تفاقمت المشكلة أكثر وأكثر.. حتى جاء وقت القول الفصل.
***
نعم.. الحكومة الحالية اقتحمت الأبواب الموصدة موضحة أن هذه الدولة تحملت على مدى سنوات وسنوات طويلة قيمة الفارق بين السعر الفعلي للرغيف الذي تبلغ تكاليفه الفعلية 120 قرشا بينما يباع في الأسواق بخمسة قروش..
لذا.. كان لابد من وقفة جادة وحاسمة وصريحة.
***
على الجانب المقابل شهدت بعض المخابز طوابير طويلة للمواطنين الذين سارعوا بشراء أكبر عدد ممكن من الأرغفة بالسعر المخفض قبل بدء تطبيق السعر الجديد.
أنا شخصيا أرى أن هذه الظاهرة لم تعد محببة داخل مجتمعنا في الآونة الأخيرة إلا أن فئات كثيرة من الناس تنقصهم ولا شك ثقافة تصحيح المسار وهي ثقافة سوف تتسع دوائرها أولا بأول خلال المرحلة القادمة.
***
ثم..ثم.. استمرارا في سياسة المصارحة لا ينبغي على الحكومة إصرارها على الاعلان عن خفض سلع بعينها في حين أن الواقع القائم يؤكد العكس وبصرف النظر عمن هو على صواب ومن على خطأ فإن المتابعة الباتة والقاطعة من جانب الحكومة تحتم عدم التوقف وإلا تعرضت المنظومة الجديدة لبعض السلبيات أو التداعيات وهذا ما نخشاه كشعب مشارك مشاركة فاعلة في المنظومة المتطورة للحكم.
***
في النهاية تبقى كلمة:
بديهي أن تستغل جماعات الشر والكراهية والحقد هذا الإصلاح الجذري والحقيقي لجانب من جوانب دعم الاقتصاد المصري وتنشيط حركته فينشرون البيانات المغرضة أو يستخدمون القنوات التليفزيونية المشبوهة للتشكيك فيما يجري.. فلا تعيرونهم اهتماما وانظروا دوما إلى مصالحكم التي هي خير وأبقى.
***
و..و..شكرا