سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان " من يصنع السلام.. قادر علي اجتذابه"

بتاريخ: 25 أبريل 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

* تقرير سياسي عن أحداث الساعة

* من يصنع السلام.. قادر علي اجتذابه

* القاهرة.. مركز التقاء السياسة والاقتصاد والديمقراطية في توقيت واحد

* حزب "إرهابي تائه" يا أولاد الحلال..!

* "إسماعيل ياسين" الأوكراني.. يكتسح الانتخابات.. ويفوز بالرئاسة.. حقا الدنيا تتغير!

* أبلغ رد علي أردوغان.. من زميل له رئيس وزراء أسبق:

أنت رجل.. عديم الوفاء!

* حمامات دم "سيرلانكا".. سُبة في جبين البشرية!

* العنف المضاد لا يزيدالنار إلا اشتعالا

* شم نسيم "طعم" تاني!

* معقولة.. غرفة في فندق بـ 5000 جنيه.. ويتحدثون عن تشجيع السياحة؟!

* الأطفال الرضع "الممنوعون" من السفر.. حلال أم حرام؟!

صناعة السلام .. حرفة.. أم موهبة.. أم قدرة وقوة..؟!

في رأيي أنها تجمع بين العناصر الثلاثة.. أو الأربعة.. فالمهمة بكل المقاييس صعبة.. لاسيما في زمن.. أصبحت لغة التعامل فيه تعتمد كثيرا علي العنف والعنف المضاد.. وعلي ضرب المجتمعات من الداخل.. وتفجير الصفوف المتراصة .. أو التي كانت تسمي كذلك في يوم من الأيام..!

ولقد نجحت مصر - والحمد لله- في إرساء دعائم تلك الصناعة مستخدمة كافة العناصر التي أشرت إليها آنفا.. وبالتالي تمتع أهلها بالأمن والأمان اللذين افتقدوهما علي مدي سنوات مضت.

من هنا.. لا تبخل القاهرة أبدا علي الجيران أو المحيطين بها بأي جهد من شأنه اجتذاب السلام لهم لأسباب عديدة لعل أهمها أن استقرار هؤلاء الجيران يمثل استقرارا لمصر.. فضلا عن أن أمنهم القومي يعد جزءا من أمننا القومي.

استنادا إلي تلك الحقائق.. جاءت استضافة القاهرة لعدد من زعماء الدول الإفريقية للتباحث معا.. حول كيفية العمل علي نزع فتيل الأزمة المستحكمة في كلي من السودان وليبيا..!

ولقد التقي الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل من رؤساء تشاد ورواندا والكونغو والصومال وجنوب أفريقيا.. حيث دارت مناقشات موسعة ومستفيضة حول الأوضاع المتلاحقة.. أو بالأحري المتأزمة في كلا البلدين الجارين.

بداية حرص الرئيس علي أن يؤكد علي مبدأ مصر الثابت والمعلن والذي يقوم علي أساس دعم إرادة الشعب السوداني وتقديم كافة الوسائل التي تضمن مساندة قياداته في صياغة مؤسسات بلاده والحفاظ عليها.

ودعونا نمعن مليا في عبارة الحفاظ علي مؤسسات الدولة.. لأن انهيار هذه المؤسسات أو بعضها يعني ضياع الوطن والمواطن بكل ما تحمله الكلمة من معني.

أيضا.. نفس الموقف تتخذه القاهرة بالنسبة لليبيا التي نريدها بلدا آمنا خاليا من ميليشيات الإرهاب وخفافيش الظلام الذين قضّوا مضاجع أبنائها وبددوا البقية الباقية من ثرواتها.

وأحسب أن زعماء الدول الذين قدموا للقاهرة لا تختلف رؤاهم كثيرا.. فما من زعامة أو قيادة إلا وتريد لشعبها.. وأرضها.. الأمان.. والوئام.. والسلام!

***

ولقد شاء القدر.. أن تشهد القاهرة هذه القمة السياسية المهمة.. في نفس الوقت الذي احتضنت فيه مؤتمر اتحاد البورصات الذي شاركت فيه 15بورصة عربية.. لكي تصبح العاصمة المصرية ملتقي للسياسة والاقتصاد في آن واحد.. يضاف إليهما ذلك الثقل الديمقراطي الذي تجلي في المشاركة الشعبية الهائلة للاستفتاء علي تعديل الدستور.. كلها مظاهر.. تدعو للفخار.. وتطمئن كل واحد فينا علي أننا نسير في الطريق الصحيح بكل ما تحمله الكلمة من معني.

***

والآن وبعد هذا العرض الواقعي لأحوالنا الهادئة والمطمئنة والحمد لله .. ومعها أحوال غيرنا الذين تراودهم آمال كثيرة نرجو أن يعينهم الله سبحانه وتعالي علي تحقيقها.. نعرج قليلا علي هذا الإعلان الغريب الذي أصدرته الإدارة الأمريكية بشأن حزب الله اللبناني!

لقد وصف الأمريكان.. الحزب.. بكل الأوصاف المقيتة ومن بينها عمالته لإيران وضلوعه في ارتكاب أردأ عمليات الإرهاب.. ثم يناشدون كل من يعرف معلومات عنه وعن قياداته وأعضائه..التقدم بها مقابل مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار..!

ألهذه الدرجة.. عجزت الاستخبارات المركزية الأمريكية بجلالة قدرها.. وجهاز الـ اف.. بي.. أي.. وجهاز الأمن القومي الداخلي والخارجي عن معرفة خبايا الحزب لدرجة أنهم يلجأون لوسيلة لم تعد تستخدمها حاليا أضعف الدول.. وأقلها ثراء.. ولا تملك الإمكانات الهائلة التي تتوفر لدي الأمريكان؟!

نعم.. ربما استرجعوا بذاكرتهم يوم إلقاء القبض علي صدام حسين.. الذي باعه أقرب المقربين إليه مقابل المكافأة المالية السخية ومعه ابناه وحفيده الذين لقوا مصرعهم بينما ألقي القبض علي صدام حيا لتعلق رقبته فيما بعد في حبل المشنقة!

***

وخلال جولتنا.. ونحن نقدم لك آخر أحداث الساعة.. أود الإشارة إلي أن الدنيا تتغير بالفعل في شتي الأرجاء والأصقاع.. وما كان ينظر إليه بالأمس علي أنه خارج عن المألوف .. بات اليوم عاديا.. وعاديا جدا..!

أقول ذلك بمناسبة فوز الممثل الكوميدي فلاديمير زيلنيسكي برئاسة أوكرانيا من خلال انتخابات اكتسح فيها منافسيه.. اكتساحا هائلا حيث حصل علي 73% من أصوات الناخبين.. الأمر الذي جعل مرشحي السلطة يضربون كفا بكف وهم غير مصدقين.. ومعهم شرائح عديدة من المجتمع الأوكراني ومنهم رجال أعمال وأطباء ومهندسون.. وبقايا الاتحاد السوفيتي قبل انهياره..!!

علي الجانب المقابل.. فإنه في وسط مناخ الاعتراضات وأجواء الدهشة.. يوجد من يعربون عن تفاؤلهم بتولي "إسماعيل ياسين" أوكرانيا السلطة لعل وعسي ينقذ البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية.

***

ومن أوكرانيا إلي تركيا.. حيث يتلقي الرئيس أردوغان بين كل يوم وآخر لطمة من هنا.. وأخري من هناك..!

وبينما الضربة التي جاءته من السودان بطرده من جزيرة سواكن لم تهدأ حرارتها بعد.. إذا بزميله القديم في حزب الحرية والعدالة.. رئيس الوزراء الأسبق" أحمد داود أوغلو" يواجهه بجرأة متهما إياه بالفشل في إدارة الدولة مما ترتب عليه انهيار اقتصادي غير مسبوق..!

ولم يكتف أوغلو بذلك.. بل أصدر بيانا رسميا قال فيه لأردوغان بالحرف الواحد" أنت رجل عديم الوفاء..!

يحدث هذا.. وسط احتمالات قوية بتلفيق عدة تهم للرجل الذي تجرأ ورفع صوته في وجه الوالي العثماني الجديد.. الذي مازال يعيش علي وهم أنه الزعيم الأوحد.. حامي حمي الإسلام .. بينما هو في حقيقة الأمر إرهابي لحما ودما .. يقف فوق أرضية مهتزة.. وفي كل يوم يفتقد مئات الألوف من المؤيدين.. الذين باتوا يوقنون الآن.. بأن بداية النهاية قد حانت ولم يعد هناك وقت لمزيد من الانتظار..!

***

وبمناسبة الإرهاب والإرهابيين.. فإن ما حدث في سيرلانكا إنما هو أولا وأخيرا.. سُبة في جبين البشرية!

أن الزعم بأن سبب المذبحة يجئ رداً علي ما جري في مسجد "كرايست شيرش" بنيوزيلندا إنما هو تأكيد علي أن العنف والعنف المضاد يدخلان العالم في بؤر صراع دموي لا ينتهي ..!

لقد حدث ما حدث في نيوزيلندا .. وتصرفت حكومتها ـــ وقتئذ ــ تصرفاً راقياً وحضارياً وإنسانياً

والآن ماذنب هولاء الأبرياء الذين كانوا يحتفلون بعيدهم داخل كنائسهم أو الذين قادتهم الصدفة للاقامة في فنادق بعينها لكي تتحول أجسادهم إلي أشلاء متناثرة؟

ثم .. ثم .. هل تنظيم داعش مازال قادراً علي الحركة ومازال لديه القدرة علي الزج باعضائه لارتكاب عمليات انتحارية؟!

أين تصريح الرئيس الأمريكي ترامب الذي سبق أن أعلن انتهاء التنظيم إلي غير رجعة؟

أيضاً .. ما أدرانا أن تقوم جماعة متطرفة أخري بالانتقام لما حدث في سيرلانكا.. وهكذا.. دواليك؟!

إن من نصبوا أنفسهم أوصياء علي البشر أو تصوروا زورا وبهتانا أنهم مبعوثو العناية الإلهية.. يستحيل أن يتركوا أحرارا طلقاء..يفعلون ما يفعلون دون إجراءات رادعة.. ورادعة جدا!

إن القبض علي شخص أو شخصين أو ثلاثة أو حتي عشرة بعد كل عملية إجرامية.. لا يعني شيئا..!

الحكاية يا سادة.. أعمق.. وأخطر من أية تصورات أو تحليلات أو إجراءات!

لقد احتل الكون أناس غابت عقولهم.. وتبلدت مشاعرهم.. وأصبحوا يتعاملون مع الباطل علي أنه حق.. ومع الحق علي أنه باطل!

أيها الناس في شتي بقاع الأرض.. من ساسة ورجال دين.. وعلماء نفس وأساتذة اجتماع.. أفيقوا .. أفيقوا.. وإلا سيأتي عليكم وقت تتطاير فيه رقابكم وأنتم جالسون القرفصاء.. فاقدو البصر والسمع والكلام!

***

فلنعد ثانية إلي الوطن العزيز .. مصر.. الأمل.. والملاذ.. والرجاء!

ها هو عيد شم النسيم علي الأبواب وهو عيد يحتفل فيه المصريون منذ قديم الأزل بكل فئاتهم .. ومشاربهم.. وألوانهم.. وهو بصراحة عيد له مذاق خاص..لكنه هذا العام ربما يختلف عن الأعوام السابقة.. فهو يجيء ورايات المحبة والمودة ترتفع فوق قلاعنا.. وأيضا.. تتسلل نسماته إلي الجمع الكبير الذي قدم أفراده أعلي صور التكاتف.. والتلاحم.. ممثلة في الإقبال الجماهيري الهائل علي استفتاء التعديلات الدستورية.

إن عيد شم النسيم.. يجمع بين أعياد كثيرة..

كل عام أنتم طيبون!

***

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن طائفة من المصريين ينتهزون فرصة هذا العيد.. أو غيره لكسر روتينية حياتهم.. بالابتعاد لمدة يوم أو يومين عن منازلهم.. ليقضوه في فندق.. أو قرية سياحية.. أو!

المنطق يقول لابد من تقديم التسهيلات الواجبة.. لكن لك أن تتخيل أن سعر الغرفة في فندق بمنطقة اسمها مكادي قريبة من الغردقة يبلغ خمسة آلاف جنيه في الليلة الواحدة!

بالله عليهم من يقدر علي دفع هذا المبلغ إلا إذا كان صاحب شركة توظيف أموال.. أو سمسارا خفيا.. أو يحصل علي المال بغير كد أو تعب؟!

كيف تشتكون من أزمة السياحة.. بينما أنتم أول من يتسبب في تعقيد هذه الأزمة!

أرجوكم.. أرجوكم.. بادروا بتصحيح مواقفكم.. وتذكروا أنكم أول من سيعود ليدفع الثمن.. إذا ما هرب السياح مرة أخري سواء من في الداخل أو القادمين من الخارج!!

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد!

***

أخيرا.. ثمة مشكلة إنسانية ينبغي أن ينقلها هذا التقرير.. وأعني بها مشكلة الأطفال الرضع الذين يصدر قرار بمنعهم من السفر نتيجة خلاف بين الأب والأم!

يعني..حينما يكبر الطفل وتشب الطفلة ثم يفاجآن بأنهما ممنوعان من السفر دونما ذنب ارتكباه .. ألا يرسخ هذا الإجراء القاسي في نفسيهما.. بذور المقت والكراهية ضد الآخر.. سواء أكان هذا الآخر.. قريبا.. أم بعيدا؟!

مثل تلك الأمور.. لا ينبغي أن تمر بلا مبالاة.. بالعكس.. لابد من البحث عن حلول.. وهي مهمة المجلس القومي للطفولة والأمومة.. والمركز القومي للبحوث الاجتماعية.. وبداية.. ونهاية قلب الأم.. وضمير الأب!

عيب عليكم.. يا من كنتم قبل ذلك متحابين متعانقي الأيدي.. تدق قلوبكم دقة واحدة.. أو حسبما كنتم تزعمون ذلك!

***

و..و.. وشكرا