رمضان .. بعد غد.. كل عام وأنتم بخير
صوم وصلاة.. أم صوم وصلاة وعمل..؟
د.علي جمعة : الله أراد من خلقه .. العبــادة .. وإعـمار الأرض
لماذا قال الرسول إن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؟!
اليمنيون يعجزون عن الحصول علي احتياجاتهم لعدم تقاضيهم مرتباتهم منذ ثلاث سنوات
وأزمة السيولة في السودان تحتد.. الماكينات الآلية تصرخ وما من مجيب!
وفي سوريا .. "ملالي إيران".. أمموا ياميش رمضان .. لحسابهم!!
.. وهكذا.. تمر الأيام.. ويحل علينا شهر رمضان بعد غد.. كل عام وأنتم بخير.
ولعل السؤال الذي يدور في الأذهان منذ أزمنة وعصور:
هل هو شهر صلاة وصوم فقط.. أم يضاف إليهما العمل..؟!
بصراحة.. رغم أن السؤال بديهي.. وتقليدي إلا أني آثرت إعادة طرحه علي د.علي جمعة مفتي مصر الأسبق.. والعالم الذي لا ينازعه منازع!
قال د.جمعة بالحرف الواحد:
"أراد الله من خلقه أمورا ثلاثة.. الأول العبادة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".. والثاني العمارة "هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".. والثالث التزكية بالنفس "قد أفلح من زكاها".. ولذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن.. لأنها تدعو إلي التوحيد الخالص ومن عبد ولم يعمر الأرض فقد خالف مراد الله ومن عمر.. ولم يزك النفس بالقيم.. والأخلاق.. لا يكمل له دين.
والآن.. أحسب أن الأمور قد ازدادت وضوحا بعد كلام د.علي جمعة..
يعني.. لا يعلق أحد فينا تكاسله عن أداء عمله.. واسيتقاظه من النوم متأخرا.. والادعاء بأنه غير قادر علي الحركة.. علي شهر رمضان!
ومن يفعل ذلك فعليه.. التمعن في حديث الرسول الكريم.. ووصفه لسورة الإخلاص بأنها تعدل ثلث القرآن وكيف أنها تدعو للتوحيد الخالص ومن عبد ولم يعمر الأرض .. فقد خالف تعاليم الله سبحانه وتعالي.
***
علي الجانب المقابل.. فإن رمضان يأتي للمسلمين.. وأحوال الكثيرين منهم للأسف لا تسر.. إما نتيجة الخلافات والصراعات.. أو الحروب والإرهاب.. أو الإصرار علي أن ينتزع فريق منهم حقوق فريق آخر أو أن تنصب فئة منهم نفسها وصية علي الأغلبية وكأنها مبعوث العناية الإلهية!
والأمثلة عديدة وكثيرة.. من أول الشرق الذي بزغ فيه نور الإسلام.. حتي الغرب الذي سبق أن تغني أهله يوما بطلعة هذا الدين البهية!
ولننظر ماذا يجري في اليمن "السعيد".. أو الذي كان يسمي كذلك خلال بعض حقبات التاريخ.
الحوثيون الإرهابيون.. بعد أن سيطروا علي مقدرات الشعب المغلوب علي أمره.. أصبح الناس يرزحون تحت نير الجوع.. والمرض.. والألم.. والعري!
إنهم يضربون كفا بكف.. ويذرفون الدمع.. لعجزهم عن شراء أبسط احتياجاتهم الأساسية في شهر رمضان.. والسبب.. أن الموظفين لم يتقاضوا مرتباتهم علي مدي ثلاث سنوات متصلة!
ليس هذا فحسب.. بل إن البيوت قد سلبت مما فيها.. سواء أكان مالا.. أو عتادا..أو.. أو!
وما يؤلم النفس.. أن هذا كله يحدث بينما "الحوثيون" يرفلون في ثياب من البحبوحة والفخفخة إذ يستمتعون بما حرموا منه الآخرين وبالتالي لا يهمهم أن يحصل هؤلاء الآخرون علي قوت يومهم.. أو لا يحصلون .. فتلك أمور لا تعنيهم في شيء ولا تحرك مشاعرهم قيد أنملة!
سبحان الله العظيم..
***
وفي السودان.. الموقف لا يختلف كثيرا.. فهم هناك يعانون من أزمة سيولة مالية قبل رحيل الرئيس السابق عمر البشير بفترة طويلة!
الآن.. اشتدت الأزمة واستحكمت.. وكاد الناس يخرون سجدا أمام ماكينات الصرف الآلي التي يذهبون إليها منذ الصباح الباكر فيظلون في طوابير طويلة وفي النهاية تخرج لهم تلك الماكينات الصماء ألسنتها.. فلا جنيه واحدا رصيدا.. ويعود كل حيثما كان وهو ملوم محسور!
لك أن تتخيل الأسر السودانية وهي تستقبل شهر رمضان وليس معها ما يسد رمق الأبناء والبنات
إنهم يقولون:
نحن شعب تعودنا علي طعام من مذاق خاص.. وشراب لا يتكرر طوال أيام السنة..!
الآن.. حتي قطعة الجبن غير موجودة.. وشراب الكركديه.. والدوم التقليديان طوتهما ملفات النسيان.
***
أما بالنسبة للسوريين.. فالصورة ربما تختلف إلي حد كبير.. فياميش رمضان الذي اشتهر السوريون بتصنيعه وعلي رأسه قمر الدين.. خلت الأسواق منه تماما.. مع أن الزراع والصناع بذلوا المستحيل لتوفيره رغم عمليات العنف والعنف المضاد.. التي سادت الأرض السورية طوال السبع سنوات الماضية!
من هنا.. يثور السؤال:
وأين ذهبت ثمار كد وعمل وكفاح أهل الشام؟!
الجواب ببساطة:
لقد خطفها ملالي إيران.. وطاروا!
إن معظم ثروات سوريا سواء من نفط.. أو من غاز.. أو من منتجات زراعية وصناعية.. يستولي عليها "المحتلون" الذين يعلنون في بجاحة.. أنهم يحصلون علي أجر الميليشيات التي جاءت لسوريا لتوفير الحماية للنظام مع غيرها من قوات أمريكية وروسية وتركية.. فلا يوجد شيء في هذه الدنيا بلا مقابل!
وبما أن إيران ذاتها تعاني من تدهور اقتصادي غير مسبوق.. فإن تلك الغنائم تذهب إليهم.. لتهرع إليها الجماهير.. لكنها في واقع الأمر لا تمثل سوي قطرة ماء وسط محيط متلاطم الأمواج!
وكان الله في عون السوريين.. والإيرانيين في آن واحد.. مع الأخذ في الاعتبار أن "الملالي" الذين يجثمون فوق صدور الناس كرها وغصبا لن يزدادوا إلا ضلالا.. وبهتانا وزيفا!
***
بعد هذا السرد الواقعي والذي يستند إلي ما يحدث علي أرض الواقع.. من حقنا كمصريين.. أن نقف ونحن نستقبل الشهر الكريم.. لنشكر الله سبحانه وتعالي علي ما وفره لنا من أمن وسلام واطمئنان وعيشة طيبة..
ها هي منافذ بيع السلع الرمضانية تنتشر في أماكن عديدة بمختلف المحافظات.. وبأسعار تقل كثيرا عن مثيلاتها في الأعوام السابقة!
نعم.. نحن نعترف بأننا كشعب ينفق كثيرا علي الطعام والشراب لاسيما في شهر رمضان ومع ذلك فالخير متدفق.. والمشاركة الوجدانية تترسخ معانيها يوما بعد يوم.
إن هؤلاء الملايين المائة.. يأتيهم شهر رمضان وهم مرتاحو الفؤاد وموائدهم عامرة.. في نفس الوقت الذي تمتلئ قلوبهم بالإيمان الصادق.. واليقين الذي لا يتزعزع ولا يهتز أبدا!
حقا.. إنه خير شعوب الأرض الذي ينبغي أن نتوجه لكل فرد من أفراده بالتهنئة.. وبالدعاء ليظل دائما وأبدا.. متلاحما.. متحدا.. متراص الصفوف.
***
ونحن إذا غادرنا العالم العربي قليلا فسوف نجد أن ثمة تغييرات جوهرية طرأت بدورها علي نظرائنا الذين يعيشون علي الشاطئ المقابل لبحرنا المتوسط.
مثلا.. من كان يتصور أن يتحول هؤلاء الفرنسيون والفرنسيات من الرقة والعذوبة والغيرية.. إلي الخشونة.. والعنف.. والأنانية التي ما بعدها أنانية.. وهذا الكلام لا نقوله من عندياتنا.. بل شهدت به وأكدته.. أحداث يوم الأربعاء.. أي يوم الاحتفال بعيد العمال.. حيث حملت الجماهير الغاضبة .. بقايا زجاجات النبيذ.. لتقذف بها زجاج المحلات.. والمطاعم والمقاهي مما اضطر الحكومة للرد علي العنف بالعنف.. وتلك قمة الخطر ومع ذلك لا يبدو أن الأوضاع سوف تهدأ مستقبلا.. بالعكس.. إنهم يهددون بتصعيد الأمور طالما ظلت الأجور متدنية والأسعار مرتفعة.. وأزمة البطالة تتفاقم يوما بعد يوم!
من هنا.. يثور السؤال البديهي والتلقائي:
- وماذا في وسع الحكومة أن تفعل؟!
الإجابة جاءت أكثر من مرة علي لسان الرئيس ماكرون ذاته:
سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.. مرفوضة.. ويستحيل أن تخضع الدولة لضغوط الفوضي والشغب أو أن تعدل مسيرتها وخططها.. كلما ارتفعت الصيحات .. وزادت ألسنة اللهب اشتعالا!
لكن من يسمع.. ومن يستجب.. في ظل هذا المناخ المتوتر غير المسبوق؟
***
في النهاية دعوني أختم هذه الفقرات من المقال بما يجري في بلد.. بعيد.. بعيد.. طبيعته مختلفة.. وأناسه متباينون عن غيرهم.. وسلوكياتهم.. محط تقدير واحترام الآخرين!
البلد الذي أقصده اليابان.. التي شاءت الظروف أن يتنازل إمبراطورها "شبه الإله".. عن العرش لابنه.. من خلال مراسم بسيطة وترتيبات غير زاعقة .. بينما المواطنون.. كل في عمله.. يؤديه أيضا في صمت.. وبلا ضجيج مهما ارتفعت أصوات الماكينات داخل المصانع!
وللأسف.. اليابانيون.. لا يدينون بأي دين سماوي.. بل صيامهم وصلاتهم للشمس التي تسمي البلاد باسمها..أي بلاد الشمس المشرقة والتي يستمد منها الإمبراطور شرعيته أو بالأحري قدسيته!
دنيا..!
***
مواجهات
*عفوا.. مواجهات العواطف.. في إجازة طوال شهر رمضان.
***
*دعواتنا جميعا لبعضنا البعض:
اللهم بلغنا شهر رمضان.. وقد عافيتنا..وعفوت عنا..
يا رب.. اشف مرضانا.. اشف مرضانا.. اشف مرضانا..!
ولقد قلت "ادعوني أستجب لكم".. وها نحن ندعوك يا الله..فلا تخذلنا..!
***
* واضح أن مسلسلات التليفزيون هذا العام قد أصبحت درجة ثانية.. أو ثالثة.. وذلك أفضل بكثير وكثير جدا..!
***
بالمناسبة.. سؤال:
* لماذا ماسبيرو زمان أفضل من ماسبيرو اليوم..؟!
واضح أن القائمين علي أمر هذا الجهاز العتيد يدركون تلك الحقيقة جيدا.. وإلا ما خصصوا له قناة مستقلة..!
***
* صلاة القيام.. لها سحر خاص..!
يا رب.. أعنا علي أدائها دون أن نتخلف يوما واحدا..!
إنك نعم المولي ونعم النصير..!
***
* عمود البيت في رمضان.. أساس "اللمة السعيدة"..!
يا رب.. اجعل من هذا العمود دائما وأبدا .. القوة.. والصبر.. واحتمال الشدائد..!
يا رب.. إذا ما وهن.. أو ضعف.. عوضه بقوة من عندك.. وصلابة ثبتها في قلبه وجسده..!
***
* قبل أذان المغرب بنصف أو ربع ساعة يستجاب الدعاء.
يا رب.. بلغني هذا الوقت أولا.. فإذا ما توافر لي.. ليس مستبعدا أن تنفتح أمامي طاقات الأمل..!
***
* ومن ناحيتي.. قررت التغاضي عن أية إساءات وجهها لي صديق.. أو قريب.. أو جار.. أو زميل..!
المهم.. مشاعره التي مازال يعرضها في مزاد علني حتي قبل حلول رمضان بـ48 ساعة..!
***
* من يطعم مسكينا في السر.. خير ألف مرة.. ومرة.. ممن يتباهي بآلام عابري السبيل.. ومجهولي الهوية.. وساقطي القيد..!
***
* النظرة الحانية.. قد تجعل من المستحيل ممكنا.. ومن الغضب سكينة.. وسلاما..!
لكن..كم من نظرات تخطف الخيط الأسود من الخيط الأبيض.. وليس العكس.
***
* أعجبتني هذه الكلمات:
السعيد هو من كان مع الله ..أما الأسعد والأسعد فهو من كان الله معه.
***
* ..وهذه الكلمات أيضا:
إذا أراد الله شيئا تعطلت قوانين الطبيعة فحينئذ البحر لا يُغرق والنار لا تحرق والجبل لا يعصم والحوت لا يهضم والمعدم يجد والعذراء تلد.. سبحانك ربي ما أعظمك.
***
أخيرا اخترت لك هذه الأبيات الشعرية:
رمضان أقبل يا أولي الألباب
فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضي من عمرنا في غفلة
فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيأوا لتصبر ومشقة
فأجور من صبروا بغير حساب
الله يجزي الصائمين لأنهم
من أجله سخروا بكل صعاب
لا يدخل الريان إلا صائم
أكرم بباب الصوم في الأبواب
ووقاهم المولي بحر نهارهم
ريح السموم وشر كل عذاب
وسقوا رحيق السلسبيل مزاجه
من زنجبيل فاق كل شراب
هذا جزاء الصائمين لربهم
سعدوا بخير كرامة وجناب
***
و.. و.. وشكرا