سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان "الدعاء.. وهل لابد أن يستجاب..؟! فرصة.. ليلة القدر على الأبواب فاطلب من الله ما شئت وألح في الرجاء "

بتاريخ: 22 مايو 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*ونحن نقترب من ليلة القدر..

الدعاء..ثم الدعاء..ولكن:

متى تأتي الاستجابة..؟!

*الله سبحانه وتعالى يفتح لكم طاقات الأمل لتسألوه من فضله الذي لا ينفد

*تجربتان شخصيتان.. ازددت إيمانا بعدهما بأن الله حينما يكون معك فلن يضرك إنس.. ولا جان مهما بلغت قوتهم!

اليوم السابع عشر من شهر رمضان.. ولا أحد منا إلا وأكثر من الدعاء طوال الأيام السابقة.. وإن شاء الله .. يزيد دعاؤه لله سبحانه وتعالى أكثر وأكثر مع كل صلاة.. لأن الله سبحانه وتعالى اختص هذا الشهر الكريم بميزات عديدة لعل أهمها ليلة القدر التي إذا بلغها المرء ورفع خلالها يده للسماء طالبا خير الدنيا وخير الآخرة.. فلن يخيب رجاءه منزل القرآن على رسوله الكريم.

***

ومع ذلك فإن السؤال الذي يثور:

لماذا يدعو الإنسان ربه؟؟

الإجابة باختصار تنحصر في شقين أساسيين:

*الأول: شدة الحاجة إليه سبحانه وتعالى  وإيمانه بأن لا ملجأ له سوى ربه.

*الثاني: الحرص على تعظيم الواحد القهار.. الفرد الصمد ويقينه الكامل بأنه عالم بما يخفيه صدره وسامع لما يدور في فؤاده وبالتالي سوف يستجيب له.. استمعوا لقول الله سبحانه وتعالى: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان".

صدق الله العظيم

ومع ذلك ليس لازما أن يتحقق لك مرادك في التو واللحظة وإن كان ذلك واردا بطبيعة الحال لكن إذا لم يحدث فإن الله سبحانه وتعالى يدخر لك ما تمنيته في حياتك ليمنحه لك يوم القيامة فتصبح من أسعد السعداء.

في نفس الوقت يجب أن تضع في اعتبارك أن الله يحب الإلحاح عليه في الدعاء..ويغضب إذا تركته لأنه يعني أنك غني عن الله وهذا ما لا يجوز ولا يليق بالنسبة للذات الإلهية.

وهنا يقول الرسول الكريم:

" ما من مسلم دعا بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث.. إما أن تعجل له دعوته.. أو أن يدخرها له في الآخرة..أو أن يصرف عنه السوء".

***

واسمحوا لي أن أحكي تجربتين واقعيتين مررت بهما في حياتي منذ أن وهبني الله سبحانه وتعالى هذه الحياة.

الحمد لله.. الحمد لله.. أنه لم يخيب رجائي أبدا.. وكل ما كانت الدنيا تضيق بي-  وما أكثر ما ضاقت-  ألجأ إليه.. فأجده بجانبي.. محققا لي "مطلبي" رغم صعوبته بل وشدته في أحيان كثيرة..!

Xاستيقظت يوما ذات صباح .. فوجدت الظلام يحيط بي من كل جانب..!

منزلي.. أو حتى جيبي ليس به جنيه واحد.. وما ادخرته على مدى أربعين عاما أو أكثر.. ممنوع من الصرف من البنوك..!

أصدقائي الذين كانوا لا ينامون الليل إذا سهوت بغير قصد عن مجرد النظر إليهم.. اختفوا.. وبدوا جميعا وكأن اليم قد ابتلعهم.

والله.. والله..لم أهتز.. ولم أذرف دمعة واحدة.. كل ما هنالك أنني كنت أنام بالليل لأرفع كفي إلى السماء.. مخاطبا الله قائلا له: إنني على يقين بأنك لن تخذلني.. ولن تتركني نهبا للذل والهوان.. وشماتة الإنسان لأخيه الإنسان..!

تالله .. مرة أخرى.. وجدت أبوابا تفتح أمامي كنت أحسب أنها ستظل مغلقة طوال العمر.. ونوافذ يتدفق منها الخير كما لم يتدفق من قبل.. وأموالي "المحبوسة" .. تحررت بقدرة قادر خلال فترة زمنية قصيرة للغاية..!

***

xحكاية أخرى.. مرة نشبت حرب ضارية بين الجارتين السنغال وموريتانيا.. وأخذ الناس من البلدين يتساقطونكالدجاجات الذبيحة..

 لا أعرف ما الذي دفعني لأفكر في الذهاب لتغطية هذه الحرب الغريبة..!

بالفعل سافرت إلى داكار عاصمة السنغال وكان ذلك بالتحديد في نهاية عام 1989 وأمضيت هناك يومين أجريت خلالهما لقاءات مع معظم المسئولين وقبل أن أتعرف على موقف الجانب الموريتاني كانت المفاجأة أن جميع وسائل الاتصالات مقطوعة بين البلدين حتى جاءني من ينصحني بعبور نهر السنغال الذي يربط بينهما في رحلة لا تستغرق أكثر من ساعة..

بالفعل.. نفذت النصيحة .. وفي منتصف المسافة.. وأنا في عرض النهر.. إذا بقوارب عسكرية وغواصات تحاصر الزورق الصغير الذي أستقله.. ليتم اقتيادي إلى جهة غير معلومة..!

احتجزوني داخل غرفة مظلمة لمدة لم أستطع تحديدها ..ولا طعام .. ولا شراب..ولا حتى كلام..!

أقرع باب الغرفة من الداخل:

يا ناس.. ياهو.. أنا صحفي.. وجئت بهدف إيصال صوتكم للعالم.. لكن دون جدوى.. فجأة..وفي منتصف الليل..وجدت بجانبي فوق السرير الخشبي المتهالك ورقة صغيرة.. لا أعرف من أين أتت بينما الباب مغلق والنوافذ لا وجود لها.. والحراس في الخارج لا تسمع لهم صوتا.. ولا حتى نفسا..!

التقطت الورقة لأقرأ ما فيها وكان النص التالي:

يقول الله سبحانه وتعالى في حديثه القدسي:

"يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم .. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم.. يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم.. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلاكما ينقص المخيط إذا أدخل البحر"..!

***

ما أن انتهيت من قراءة الورقة.. حتى تفتحت الأبواب ودخل ضابط برتبة كبيرة مؤديا التحية العسكرية قائلا:

سيادة الرئيس في انتظارك..!

لم تكد تمر لحظات حتى كنت ألتقي بالرئيس مختار ولد داده رئيس موريتانيا في ذلك الوقت الذي قدم لي اعتذارا جامعا مانعا.. وشكرا ما بعده شكر .. ومكثت معه أربع ساعات كاملة شرح لي خلالها تفصيلات الأزمة مع السنغال متعهدا بحلها..

بالفعل سرعان ما عادت الأمور إلى مجاريها بين البلدين وسرعان ما عدت أنا للقاهرة لأكتب سلسلة مقالات صاغتها من وجهة نظري إرادة الله رب العرش العظيم.