*مصر.. التي لا تزايد.. ولا تتشفى..
والتي لا تتاجر بالمبادئ..
ولا تتعامل مع الشيء ونقيضه في آن واحد استقبلت إمبراطورة إيران السابقة دون ضجيج وبلا أبواق دعاية احتراما لجلال المناسبة.. وتقديرا لمشاعر الزوجة الحانية
..و"فرح ديبا" لم تنس يوما .. مواقف القاهرة المشرفة
تعودت مصر ألا تزايد على الآخرين ولا تمن.. ولا تتشفى .. ولا تصفي حسابات بغير حق.. أيضا لا تتاجر بالمبادئ ولا تتعامل مع الشيء ونقيضه في آن واحد.. بل دائما سياستها واضحة .. محددة المعالم .. أقوالها تتطابق مع أفعالها مهما تعددت المواقف.. وتباينت الظروف..
ومنذ أيام استقبلت القاهرة .. إمبراطورة إيران السابقة فرح ديبا التي جاءت لتحيي الذكرى التاسعة والثلاثين لوفاة زوجها الشاه الراحل محمد رضا بهلوي..!
هنا.. اسمحوا لي أن أتوقف قليلا.. وأقول إننا لم نتخذ من هذه الزيارة وسيلة للترويج لأنفسنا .. أو اتخذناها نافذة للدعاية لأحوالنا وأوضاعنا.. رغم أنه لا يوجد ثمة ضرر لو فعلنا ذلك..!
***
لقد احترمنا عنصر الخصوصية عند الإمبراطورة السابقة.. وقدرنا وفاءها للزوج الذي لم تنقطع عاما واحدا عن المجيء لزيارة قبره في مسجد الرفاعي بالعاصمة المصرية.. فمرت المناسبة في هدوء.. وبلا ضجيج.. أو "زعيق"..!
وطبعا.. لم تنس الإمبراطورة فرح ديبا موقف مصر إزاء الشاه خلال أدق مرحلة من مراحل حياته .. أو بالأحرى أسوأها .. فبعد أن أطاح أصحاب العباءات السوداء.. بحكم الطاووس.. أو حكم ملك الملوك كما كان يطلق عليه وقتئذ من خلال ثورة تمسحت في رداء الإسلام استخدموا فيها شرائط الكاسيت التي تدعو لأفكارهم .. وتوجهاتهم.. مما أجبر الشاه المريض على مغادرة أرض آبائه وأجداده إلى غير رجعة..!
المفاجأة كانت في ذلك الجحود غير المسبوق من أقرب أصدقائه.. الأمريكان.. والبريطانيين.. والفرنسيين الذين رفضوا جميعا استقبال طائرته الحائرة في الجو حتى جاءت المبادرة من الرئيس الراحل أنور السادات.. الذي سمح لها بالهبوط في أسوان حيث تم استقباله استقبالا رسميا مهيبا.. وكـأنه مازال على مقعد الحكم..!
ظل الشاه ضيفا كريما على المصريين.. حتى طلب السفر إلى المغرب التي لم تطل مدة إقامته بها هي الأخرى فاتجه إلى جزر البهاما ثم المكسيك ثم إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج بأحد مستشفياتها..!
وللأسف خذله الأمريكان مرة أخرى فطالبوه بمغادرة أراضيهم وحددوا له مهلة 24ساعة فقط..!
وتعود القاهرة .. إلى مسرح الأحداث من جديد.. لتفتح له أبواب مستشفى القوات المسلحة بالمعادي الذي بقي به حتى وافته المنية يوم 27 يوليو عام 1980 متأثرا بسرطان الغدد الليمفاوية..!
ثم.. أقيمت له جنازة مهيبة تقدمها الرئيس الراحل أنور السادات وشارك فيها الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون وقسطنطين الثاني ملك اليونان السابق.. ليتم دفنه في مسجد الرفاعي بجوار والده الشاه الأسبق..!
***
وبالأمس عندما جاءت الإمبراطورة فرح ديبا.. لزيارة القبر.. وقفت تتحدث بكل حرية مقدمة الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي.. وللشعب المصري على ما لقيته من حفاوة وكرم ضيافة.. ومشيدة بالتقدم الذي يحرزونه سياسيا واقتصاديا.. ومعربة عن سعادتها بالأمان الذي يلف أرجاء البلاد.
على الجانب المقابل .. وجهت فرح ديبا نداء لأبناء شعبها في إيران مطالبة إياهم بألا يفقدوا الأمل.. وأن يتحدوا .. ويتآلفوا حتى ينقشع الظلام وتعود البهجة والاطمئنان لشتى مجالات الحياة.
***
هذه هي مصر.. الواثقة بنفسها.. وقيادتها .. وشعبها.
مصر التي لا تخشى في الحق لومة لائم..
مصر التي لا ترد صاحب حاجة..
مصر التي تعرف جيدا أقدار الناس في أي مكان يكونون..!
لذا.. أنتهز هذه الفرصة .. لأقول لكم.. فلتتباهوا بهذا الوطن الغالي الذي يضرب كل يوم القدوة والمثل.. في السيرة الحسنة.. وطيبة الخلق.. وجمال الوسائل والغايات..
***
و..و..وشكرا
***