مقال سمير رجب " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 10 يوليه 2024
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

اشتهر السودان بأنه بلد الانقلابات والخلافات العرقية والمذهبية وبالتالي عاش شعبه حياة صعبة، حيث اقتصاد منهار ونظام حكم شيوعي مرة وإسلامي متطرف مرة أخرى.. ومع كل ذلك فإن معظم الذين تولوا مقاليد السلطة لم يفكروا إلا في مصالحهم ومصالحهم فقط والتي في سبيلها اشتعلت نيران الحروب بين بعضهم البعض وسقط آلاف الضحايا ممن لا ذنب لهم ولا جريرة علما بأنه زاخر بالثروات الطبيعية الهائلة.
وإنصافا للحق.. الرجل الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة هو المشير عبد الرحمن سوار الذهب الذي تسلم السلطة بعدما أسميت بانتفاضة إبريل عام 1987 ثم سلم الحكم بإرادته إلى حكومة مدنية منتخبة برئاسة كلٍ من الصادق المهدي وأحمد الميرغني..
***
وغني عن البيان أنه خلال تلك المراحل المتعاقبة من تاريخ السودان لم يتوقف نزيف الدم ولم تهدأ الخواطر، بل ظل البلد الجريح يئن ويتألم دون هوادة حتى وقعت الطامة الكبرى المتمثلة في تلك الحرب الضارية بين الجيش الوطني السوداني وبين ما تسمى بقوات الدعم السريع وهي حرب أهلية بكل المقاييس حيث ترتكب قوات الدعم السريع أبشع المجازر التي تخلف آلافا من القتلى وملايين الفارين إلى الدول المجاورة وعلى رأسها مصر وبعدها تشاد وغيرهما. 
*** 
طبعا الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أول من يدرك أبعاد الخطر فهو يحذر دائما من كوارث تمزق الشعوب والجيوش واضعا أمام كل القوى العالمية والإقليمية نماذج الانهيار والتفكك والسقوط في بحور من الندم.
الرئيس السيسي ينبه دائما إلى أن انهيار الأوطان إنما يجلب المصائب لأهلها حيث يصبحون لقمة سائغة في أفواه الطامعين والمتربصين والباحثين عن الثروة والنفوذ.
وها هو السودان الحبيب إذا ما تمزقت أوصاله ضاع في غياهب الجب لينضم إلى سابقيه سواء داخل المنطقة العربية أو خارجها.
*** 
من هنا كانت دعوة مصر للفرقاء في السودان لكي يأتوا إلى أرضها في محاولة لإزالة الخلافات ومحاولة لم الشمل من جديد وبالفعل دارت مباحثات جادة وحوارات هادفة لكن السؤال:
وهل خلصت النوايا بين هؤلاء المتناحرين وبين بعضهم البعض..؟!
طبعا.. نأمل ذلك.. أما إذا تبددت الآمال فسوف ينضم السودان تلقائيا إلى قائمة المشتتين والمفككين وأيضا المشردين.. وبذلك يصير جزء مهم من الجسد العربي فاقد الروح ولن تقوم له قائمة سواء في الحاضر أو المستقبل.
والأهم.. والأهم.. أنه سيكون مصدرا من مصادر الإضرار بالأمن القومي المصري وهو ما لن تسمح به مصر تحت وطأة أي ظرف من الظروف فأمننا القومي كما يعلم الجميع خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
*** 
في النهاية تبقى كلمة:
فلتدرك الأطراف المتحاربة في السودان أن لا غالب ولا مغلوب ولا منهزم ولا منتصر.. وفي جميع الأحوال سوف يسجل التاريخ أن هناك أناسا فرطوا في وطن كان يمكن أن يكون في يوم من الأيام من أعز وأفضل الأوطان..   فانتبهوا.. انتبهوا.. وأعيدوا تقييم مواقفكم فإذا كان حساب الدنيا يسيرا.. يسيرا فإن عذاب الآخرة تعبر عنه الآية الكريمة:" الْقَارِعَةُ ﴿1﴾ مَا الْقَارِعَةُ ﴿2﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴿3﴾ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴿4﴾ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴿5﴾ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿6﴾ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴿7﴾ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿8﴾ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴿9﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴿10﴾ نَارٌ حَامِيَةٌ".
*** 
و..و..شكرا