مقال سمير رجب "خيوط الميزان" بجريدة الجمهورية

بتاريخ: 06 ديسمبر 2024
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

عناوين العدد التذكاري

*الجمهورية جامعة الصحافة والسياسة والاقتصاد..

*شاهد على عصور التراجع والهوان.. وأيضا.. زمان الطفرة الهائلة التي أشعلت حماس القارئ

*أمضيت ومازلت متمسكا بدواليبها على مدى ٦٨ عاما متصلة

*البداية قبل أولى درجات السلم.. حتى الصعود لرئاسة مجلس الإدارة ورئاسة التحرير

* خضت في سبيلها معارك عديدة في عصر هيكل ويوسف السباعي

*حينما سأل شباب الصحافة مصطفى أمين عن نصائحه أجابهم: اذهبوا إلى سمير رجب ليحكي لكم تجربته في الجمهورية والمساء

* لم أستطع الاستمرار في حفل أخبار اليوم لافتتاح المطبعة الجديدة ولم أنم ليالي عدة حتى وصلت إلى القرار الحاسم

* شراء أحدث  مطبعة وإقامة أروع مبنى

*نصيحة للشباب: لا تتهاونوا أبدا في حرية الصحافة حتى تظلوا محترمين للمهنة ولأنفسكم.

********

بداية .. لابد من توضيح حقيقة هامة .. هذه الحقيقة تقول إنه ليس من الإنصاف في شيء التعامل مع الجمهورية كأي صحيفة جديدة أو أسبوعية على مستوى العالم..

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما أراد إصدار جريدة تتحدث باسم ثورة 23 يوليو 1952 والدفاع عن مبادئها جلس في قاعة اجتماعات مجلس قيادة الثورة يقول:" نحن في حاجة إلى سلاح ناعم لك يجب أن يكون باترا ونحن لابد أن نتعاون لإيجاد نوع من أنواع مدافع الهاون لا يقتل ولا يجرح لكنه يصلح الوعي ويكشف الأبعاد والزوايا لا يخاف ولا يتوارى ولا يلف أو يدور".

***

من هنا أحاطت أجواء الثورة قصة الجريدة المنتظرة وبالفعل أعلن عبد الناصر أنه ؟ لإصدار الجمهورية لكي تؤدي الهدف المأمول ولكي تحتل مكانتها في عالم الصحافة والسياسة معا.

تعود عبد الناصر بعد انتهاء عمل اليوم الذي يستغرق تقريبا كل وقته وفكره على أن يعود في المساء ليلتقي بزميله أنور السادات وعبد اللطيف بغدادي وفي التو واللحظة يتحدث السادات في السياسة والفن والاقتصاد والاجتماع حتى يرفع عبد الناصر إصبعه ويقول: دعني أحييك على إبداعك في تلاوة بيان الثورة وبالفعل كان هذا البيان مثار إعجاب وتقدير غالبية المصريين والذي ربط بين ضباط الثورة وبينهم بالحب والمودة المبجلة.

***

هكذا جاء ميلاد الجمهورية التي  ؟ عبد الناصر قبل خروجها للحياة وفي سبيلها واصل الليل بالنهار حتى تصدر بالصورة التي يتمناها.

في يوم أول نوفمبر عام ؟؟ سأل عبد الناصر بعد أن تناول سندوتش فول من معه منكم فلوس؟!

رد كل من عبد الحكيم عامر وزكريا عزمي وخالد محيي الدين وبعد اللطيف بغدادي:

كم من الفلوس تتحدث؟

نحن نملك الآن ما يقرب من 1180 جنيها !

ارتفع صوت عبد الناصر :

هائل.. هائل..!

إنه مبلغ يكفي وربما يزيد!

ثم.. ثم.. مال عبد الناصر على كتف أحد مرافقيه والذي ؟ أنه تاجر ورق شهير الذي بدت على وجهه علامات السعادة والسرور وقال: البضاعة جاهزة.. وبالمجان ورفض الرجل تقاضي أية مبالغ.

***

من هنا.. عندما دارت ماكينة الطباعة يوم 7 ديسمبر عام 1953 كانت فرحة عبد الناصر لا تقدر فقد شعر في قرارة نفسه أن الثورة قد ملكته ذراعا قويا من أذرع الحق والعدل ممثلة في جريدة الجمهورية التي ضمت وقتئذ أشهر الصحفيين والكتاب من أول عميد الأدب العربي د.طه حسين وأحمد قاسم جودة وإسماعيل الحبروك وعبد الإمام وسامي داوود وهذان بالذات عهد لهما بمهمة إصدار الجمهورية فنيا وطباعيا وصحفيا نظرا لخبرتهما في ذلك..ثم..ثم.. سرعان ما انضم إليهم آخرون مثل سامي جوهر وإبراهيم نوار وشقيقه.

***

هنا جذبت الجمهورية شباب مصر وشاباتها وأيضا رجالها وشيوخها وطبعا كنت أنا واحدا من هؤلاء وإن كنت أختلف بعض الشيء فقد كنت وقتئذ في السنة الثالثة الثانوية وكان ؟؟ كبير .. كبير وكم تمنيت أن أنضم إلى بلاطة من بلاطها حتى حانت الفرصة المرتقبة.

***

وبلغت غرفة المحررين المسئولين هكذا كان اسمهم في ذلك الوقت.. وهم المسئولون عن إعداد وترتيب إعادة الصحيفة ثم توضيبها ثم الدفع بها إلى المطبعة التي تصدر في كبرياء وشمم تتحدث عن المصريين في عهدهم الجديد.

.. يمكنك مقابلة الأستاذ عميد الإمام وأشهد بأن الرجل كان في منتهى الرقة والخلق الكريم وإن جاءت حكاية ؟؟

*لماذا تريد العمل في الصحافة.. هل أنت تقدر على تحمل متاعبها؟

لم أرد.. لكنه هو الذي استطرد

*عموما.. أنا نصحتك فإذا كنت مازلت مصرا فيمكنك المرور علينا غدا في نفس الموعد.

***

ذهبت في الصباح في الموعد الذي حدده الأستاذ عبد وبدأت أنخرط في العمل ..توضيب الصفحات والمساعدة في رسم الماكيتات وأعترف بأنني بعد أن كنت مولعا بالعمل في الصحافة بقدر ما وجدت هذا الحب يفتر بل يكاد يتبدد في الهواء.. ومع ذلك قررت التحمل إلى أقصى درجة حتى حدث ما لم يكن متوقعا..

لقد جاء قرار من جهة عليا كما قالوا يقضي بتسريح جميع المحررين تحت التمرين وعدم دخولهم في الجريدة اعتبارا من بعد غد..

هنا.. ازدادت حيرتي..؟؟ لكن استدعاني الأستاذ عيد وقال لي أناأستشعر أنك حزين في قرارة نفسك لكني أقترح عليك اقتراحا..مع إلغاء تدريب الصحفيين سوف يتم تعيين عدد من الموظفين في الحسابات وشئون العاملين ..و.. والأرشيف..فهل توافق على أن تعمل في أي قسم من هذه الأقسام؟!

صمت.. ولم أعلق حتى وجدت نفسي من جديد موظفا في الارشيف بمرتب قدره تسعة جنيهات و٤٦قرشا وأربعة مليمات.

والحمد لله لقد فتح لي الأرشيف أوسع أبواب العمل بالصحافة .. فقد ؟ أسماء زعماء العالم..وقضايا الدنيا شرقا وغربا وأنواع الحكم..و.. حتى وصلت محطة جديدة حاسمة من محطات معشوقتي الصحافة.

***

لقد اختارني سعد الدين وهبة الذي كان يعمل مديرا للتحرير في ذلك الوقت للعمل مندوبا بمطار القاهرة لتتطور حياتي أكثر وأكثر بعد أن صنعت من أخبار المطار نوعا من الصحافة الجديدة في مصر بالاشتراك مع زميلي العزيز المرحوم جلال دويدار والمرحوم عادل عامر المحرر بالأهرام ومحمد السمري محرر المساء داعيا له بالصحة والعافية..

كل ذلك والجمهورية في صعود تارة وهبوط تارة أخرى وكل ذلك وفقا لمزاج النظام ..أي مزاج عبد الناصر شخصيا..فإذا أزيح برئيس تحرير ليحل محله مشرف عام مثل على صبري أمين عام الاتحاد الاشتراكي ليتولى عمل رئيس ؟؟؟؟ووسط هذه الأزمات لم يغضب أبدا عبد الناصر من الجمهورية كصحيفة أو قائمة عزيزة من بنات ثورة يوليو وبالتالي سرعان ما تترطب الأجواء ويقرر عبد الناصر إصدار جريدة مسائية تساند الجمهورية الصباحية في الترويج لمبادئ الثورة وقياداتها ومشروعاتها المستقبلية  بالفعل صدرت جريدة المساء برئاسة عنصر مجلس الثورة القوي خالد محيي الدين الذي استخدمها لمصلحة اليسار التي فتحت أبوابها لأي ؟؟؟ ونجحت الفكرة وإن شاء الله ستكون المساء محل دراسة قادمة.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن أية صحيفة تصدر لابد أن تتأثر حولها الصحف الأخرى إما بزيادة أعداد النسخ الموزعة أو انخفاضها ولكن عموما التوزيع يزيد ثم ينخفض ويستمر في الانخفاض وشاءت الجمهورية أن يقف في طريقها صحفي متمكن وثيق الصلة برئيس الدولة هو الأستاذ ؟ وشاء قدري أنني كنت أخطو أهم درجات السلم الصحفي وبالتحديد علم ١٩٦٠ عندما كنت محررا لشئون الطيران  والأستاذ هيكل الذي لا يقاوم.. وكم كنت أتألم وأتعجب في آن واحد عندما أحصل على خبر هام بل بالغ الأهمية ثم أفاجأ بعدم نشره في الوقت الذي ينشره الأهرام على خمسة أو ستة عمود على الصفحة الأولى والسبب مجاملة هيكل وإظهاره على أنه وحده صاحب الانفرادات ..بصراحة هذه الظاهرة الفريدة أخذت تطاردني حتى خروج هيكل ؟؟وإذا كان القياس مع الفارق فإن وجود يوسف السباعي على رأس مؤسسة الأهرام.. أتاح لها فرصا عديدة لزيادة التوزيع وارتفاع حجم الإعلانات وأن تصبح مؤثرة في مسيرة الحياة السياسية والاقتصادية في مصر.. بينما أنا المحرر الشاب المجتهد لا أثير شفقة الكبار بل وحتى الصغار.

وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى لتظل الجمهورية بصفة عامة تكافح من أجل البقاء حتى جاء زملاء الإنقاذ ؟؟؟ محسن محمد رئيسا لتحريرها في مارس عام ١٩٧٥ ليحدث بها نقلة نوعية غير مسبوقة حيث فاق توزيعها مرات ومرات ولأول مرة تجاوز التوزيع أكثر من نصف مليون نسخة يوميا.. قبل أن يأتي يوم يقفز فيه هذا الرقم إلى المليون بالتمام و الكمال.

***

في النهاية تبقى كلمة:

ليست كل جريدة أو مجلة أو مطبوعة من أي شكل أو نوع ؟؟ بتغير المناخ الصحفي أي تعديل مسار العمل الصحفي لكن الجمهورية غيرت وجددت وتميزت بفضل رجال مخلصين يشار إليهم بالبنان وخالص تهانينا للمهندس ؟؟؟؟

 

 

 

 

عناوين العدد التذكاري

*الجمهورية جامعة الصحافة والسياسة والاقتصاد..

*شاهد على عصور التراجع والهوان.. وأيضا.. زمان الطفرة الهائلة التي أشعلت حماس القارئ

*أمضيت ومازلت متمسكا بدواليبها على مدى ٦٨ عاما متصلة

*البداية قبل أولى درجات السلم.. حتى الصعود لرئاسة مجلس الإدارة ورئاسة التحرير

* خضت في سبيلها معارك عديدة في عصر هيكل ويوسف السباعي

*حينما سأل شباب الصحافة مصطفى أمين عن نصائحه أجابهم: اذهبوا إلى سمير رجب ليحكي لكم تجربته في الجمهورية والمساء

* لم أستطع الاستمرار في حفل أخبار اليوم لافتتاح المطبعة الجديدة ولم أنم ليالي عدة حتى وصلت إلى القرار الحاسم

* شراء أحدث  مطبعة وإقامة أروع مبنى

*نصيحة للشباب: لا تتهاونوا أبدا في حرية الصحافة حتى تظلوا محترمين للمهنة ولأنفسكم.

********

بداية .. لابد من توضيح حقيقة هامة .. هذه الحقيقة تقول إنه ليس من الإنصاف في شيء التعامل مع الجمهورية كأي صحيفة جديدة أو أسبوعية على مستوى العالم..

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما أراد إصدار جريدة تتحدث باسم ثورة 23 يوليو 1952 والدفاع عن مبادئها جلس في قاعة اجتماعات مجلس قيادة الثورة يقول:" نحن في حاجة إلى سلاح ناعم لك يجب أن يكون باترا ونحن لابد أن نتعاون لإيجاد نوع من أنواع مدافع الهاون لا يقتل ولا يجرح لكنه يصلح الوعي ويكشف الأبعاد والزوايا لا يخاف ولا يتوارى ولا يلف أو يدور".

***

من هنا أحاطت أجواء الثورة قصة الجريدة المنتظرة وبالفعل أعلن عبد الناصر أنه ؟ لإصدار الجمهورية لكي تؤدي الهدف المأمول ولكي تحتل مكانتها في عالم الصحافة والسياسة معا.

تعود عبد الناصر بعد انتهاء عمل اليوم الذي يستغرق تقريبا كل وقته وفكره على أن يعود في المساء ليلتقي بزميله أنور السادات وعبد اللطيف بغدادي وفي التو واللحظة يتحدث السادات في السياسة والفن والاقتصاد والاجتماع حتى يرفع عبد الناصر إصبعه ويقول: دعني أحييك على إبداعك في تلاوة بيان الثورة وبالفعل كان هذا البيان مثار إعجاب وتقدير غالبية المصريين والذي ربط بين ضباط الثورة وبينهم بالحب والمودة المبجلة.

***

هكذا جاء ميلاد الجمهورية التي  ؟ عبد الناصر قبل خروجها للحياة وفي سبيلها واصل الليل بالنهار حتى تصدر بالصورة التي يتمناها.

في يوم أول نوفمبر عام ؟؟ سأل عبد الناصر بعد أن تناول سندوتش فول من معه منكم فلوس؟!

رد كل من عبد الحكيم عامر وزكريا عزمي وخالد محيي الدين وبعد اللطيف بغدادي:

كم من الفلوس تتحدث؟

نحن نملك الآن ما يقرب من 1180 جنيها !

ارتفع صوت عبد الناصر :

هائل.. هائل..!

إنه مبلغ يكفي وربما يزيد!

ثم.. ثم.. مال عبد الناصر على كتف أحد مرافقيه والذي ؟ أنه تاجر ورق شهير الذي بدت على وجهه علامات السعادة والسرور وقال: البضاعة جاهزة.. وبالمجان ورفض الرجل تقاضي أية مبالغ.

***

من هنا.. عندما دارت ماكينة الطباعة يوم 7 ديسمبر عام 1953 كانت فرحة عبد الناصر لا تقدر فقد شعر في قرارة نفسه أن الثورة قد ملكته ذراعا قويا من أذرع الحق والعدل ممثلة في جريدة الجمهورية التي ضمت وقتئذ أشهر الصحفيين والكتاب من أول عميد الأدب العربي د.طه حسين وأحمد قاسم جودة وإسماعيل الحبروك وعبد الإمام وسامي داوود وهذان بالذات عهد لهما بمهمة إصدار الجمهورية فنيا وطباعيا وصحفيا نظرا لخبرتهما في ذلك..ثم..ثم.. سرعان ما انضم إليهم آخرون مثل سامي جوهر وإبراهيم نوار وشقيقه.

***

هنا جذبت الجمهورية شباب مصر وشاباتها وأيضا رجالها وشيوخها وطبعا كنت أنا واحدا من هؤلاء وإن كنت أختلف بعض الشيء فقد كنت وقتئذ في السنة الثالثة الثانوية وكان ؟؟ كبير .. كبير وكم تمنيت أن أنضم إلى بلاطة من بلاطها حتى حانت الفرصة المرتقبة.

***

وبلغت غرفة المحررين المسئولين هكذا كان اسمهم في ذلك الوقت.. وهم المسئولون عن إعداد وترتيب إعادة الصحيفة ثم توضيبها ثم الدفع بها إلى المطبعة التي تصدر في كبرياء وشمم تتحدث عن المصريين في عهدهم الجديد.

.. يمكنك مقابلة الأستاذ عميد الإمام وأشهد بأن الرجل كان في منتهى الرقة والخلق الكريم وإن جاءت حكاية ؟؟

*لماذا تريد العمل في الصحافة.. هل أنت تقدر على تحمل متاعبها؟

لم أرد.. لكنه هو الذي استطرد

*عموما.. أنا نصحتك فإذا كنت مازلت مصرا فيمكنك المرور علينا غدا في نفس الموعد.

***

ذهبت في الصباح في الموعد الذي حدده الأستاذ عبد وبدأت أنخرط في العمل ..توضيب الصفحات والمساعدة في رسم الماكيتات وأعترف بأنني بعد أن كنت مولعا بالعمل في الصحافة بقدر ما وجدت هذا الحب يفتر بل يكاد يتبدد في الهواء.. ومع ذلك قررت التحمل إلى أقصى درجة حتى حدث ما لم يكن متوقعا..

لقد جاء قرار من جهة عليا كما قالوا يقضي بتسريح جميع المحررين تحت التمرين وعدم دخولهم في الجريدة اعتبارا من بعد غد..

هنا.. ازدادت حيرتي..؟؟ لكن استدعاني الأستاذ عيد وقال لي أناأستشعر أنك حزين في قرارة نفسك لكني أقترح عليك اقتراحا..مع إلغاء تدريب الصحفيين سوف يتم تعيين عدد من الموظفين في الحسابات وشئون العاملين ..و.. والأرشيف..فهل توافق على أن تعمل في أي قسم من هذه الأقسام؟!

صمت.. ولم أعلق حتى وجدت نفسي من جديد موظفا في الارشيف بمرتب قدره تسعة جنيهات و٤٦قرشا وأربعة مليمات.

والحمد لله لقد فتح لي الأرشيف أوسع أبواب العمل بالصحافة .. فقد ؟ أسماء زعماء العالم..وقضايا الدنيا شرقا وغربا وأنواع الحكم..و.. حتى وصلت محطة جديدة حاسمة من محطات معشوقتي الصحافة.

***

لقد اختارني سعد الدين وهبة الذي كان يعمل مديرا للتحرير في ذلك الوقت للعمل مندوبا بمطار القاهرة لتتطور حياتي أكثر وأكثر بعد أن صنعت من أخبار المطار نوعا من الصحافة الجديدة في مصر بالاشتراك مع زميلي العزيز المرحوم جلال دويدار والمرحوم عادل عامر المحرر بالأهرام ومحمد السمري محرر المساء داعيا له بالصحة والعافية..

كل ذلك والجمهورية في صعود تارة وهبوط تارة أخرى وكل ذلك وفقا لمزاج النظام ..أي مزاج عبد الناصر شخصيا..فإذا أزيح برئيس تحرير ليحل محله مشرف عام مثل على صبري أمين عام الاتحاد الاشتراكي ليتولى عمل رئيس ؟؟؟؟ووسط هذه الأزمات لم يغضب أبدا عبد الناصر من الجمهورية كصحيفة أو قائمة عزيزة من بنات ثورة يوليو وبالتالي سرعان ما تترطب الأجواء ويقرر عبد الناصر إصدار جريدة مسائية تساند الجمهورية الصباحية في الترويج لمبادئ الثورة وقياداتها ومشروعاتها المستقبلية  بالفعل صدرت جريدة المساء برئاسة عنصر مجلس الثورة القوي خالد محيي الدين الذي استخدمها لمصلحة اليسار التي فتحت أبوابها لأي ؟؟؟ ونجحت الفكرة وإن شاء الله ستكون المساء محل دراسة قادمة.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن أية صحيفة تصدر لابد أن تتأثر حولها الصحف الأخرى إما بزيادة أعداد النسخ الموزعة أو انخفاضها ولكن عموما التوزيع يزيد ثم ينخفض ويستمر في الانخفاض وشاءت الجمهورية أن يقف في طريقها صحفي متمكن وثيق الصلة برئيس الدولة هو الأستاذ ؟ وشاء قدري أنني كنت أخطو أهم درجات السلم الصحفي وبالتحديد علم ١٩٦٠ عندما كنت محررا لشئون الطيران  والأستاذ هيكل الذي لا يقاوم.. وكم كنت أتألم وأتعجب في آن واحد عندما أحصل على خبر هام بل بالغ الأهمية ثم أفاجأ بعدم نشره في الوقت الذي ينشره الأهرام على خمسة أو ستة عمود على الصفحة الأولى والسبب مجاملة هيكل وإظهاره على أنه وحده صاحب الانفرادات ..بصراحة هذه الظاهرة الفريدة أخذت تطاردني حتى خروج هيكل ؟؟وإذا كان القياس مع الفارق فإن وجود يوسف السباعي على رأس مؤسسة الأهرام.. أتاح لها فرصا عديدة لزيادة التوزيع وارتفاع حجم الإعلانات وأن تصبح مؤثرة في مسيرة الحياة السياسية والاقتصادية في مصر.. بينما أنا المحرر الشاب المجتهد لا أثير شفقة الكبار بل وحتى الصغار.

وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى لتظل الجمهورية بصفة عامة تكافح من أجل البقاء حتى جاء زملاء الإنقاذ ؟؟؟ محسن محمد رئيسا لتحريرها في مارس عام ١٩٧٥ ليحدث بها نقلة نوعية غير مسبوقة حيث فاق توزيعها مرات ومرات ولأول مرة تجاوز التوزيع أكثر من نصف مليون نسخة يوميا.. قبل أن يأتي يوم يقفز فيه هذا الرقم إلى المليون بالتمام و الكمال.

***

في النهاية تبقى كلمة:

ليست كل جريدة أو مجلة أو مطبوعة من أي شكل أو نوع ؟؟ بتغير المناخ الصحفي أي تعديل مسار العمل الصحفي لكن الجمهورية غيرت وجددت وتميزت بفضل رجال مخلصين يشار إليهم بالبنان وخالص تهانينا للمهندس ؟؟؟؟