سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " كمسري القطار.. وضربة القدر المفاجئة..! و.. وتقدير خاص لزوجة شهيد مباحث قوص"

بتاريخ: 04 نوفمبر 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*رؤية إنسانية.. لقضية رأي عام

*سكك حديد مصر.. تاريخ.. وذكريات وأفلام..وكوارث

*سائق قطار طنطا.. تعرض هو أيضا لضربة قدر مفاجئة

*الآن ينال جزاءه.. ولكن: من يرعى أسرته..؟!

*ورجاء لوزير الداخلية:

ابنة نقيب المحامين.. وزوجة شهيد قوص

شاءت إرادة الله .. أن تتعرض لأقسى اختبار.. فهل يمكن تعويضها..؟

سكك حديد مصر.. كانت ومازالت وستظل موضع اهتمام الجماهير ومحل اطمئنان لأسباب عديدة منها.. قدم نشأتها التي ترجع إلى عام 1853 واحتفاظها على مدى سنوات طويلة بعنصر السلامة.. حيث تسود لدينا قناعة بأن السير على القضبان أكثر أمانا ألف مرة.. من "الجري" وسط الشوارع والميادين بمركبات قد تسبب وقوع حوادث دامية .. وكم تباهينا بأننا الدولة رقم"2" بعد بريطانيا التي أنشأت لشعبها سكة حديد..!

ليس هذا فحسب.. بل كان ركوب القطار في حد ذاته بمثابة نزهة لاسيما عند اختراق المزارع والحقول سواء في الدلتا أو الصعيد.. وأذكر أن والدي -رحمه الله -حينما كان يريد مكافأة أحد فينا.. يصحبه في رحلة "قطارية" ذهابا وإيابا.. لنعود بعدها وقد غمرتنا مشاعر السعادة والبهجة..!

***

حتى أفلام السينما.. اتخذت في عام 1960 من السكك الحديد مادة درامية ولعل فيلم "لوعة الحب" الذي قام بدور البطولة فيه كل من أحمد مظهر وعمر الشريف والذي دارت معظم أحداثه في "قمرة القيادة".. خير شاهد وأبلغ دليل.. وإن كان السيناريو قد أوضح دون قصد.. الخطأ البشري.. حيث كان سائق القطار أو "العطاشجي" يهدئ من سرعته عند منزل حبيبته.. ويظل يطلق لها"الصفافير" لمجرد التحية ليس إلا..!

على الجانب المقابل.. فإن السكة الحديد هي الرأس الطائر لوزراء النقل.. فما من وزير نقل استقال أو أقيل إلا بسبب حادثة قطار.. وأشهرها حادثة العياط ثم حادثة دهشور.. ثم حادثة رصيف محطة مصر التي وقعت في فبراير الماضي والتي أطاحت هي الأخرى بالوزير.. وآخرها.. واقعة الكمسري الذي فتح باب الطوارئ ليقفز منه شابان يبذلان المستحيل في سبيل لقمة العيش..!

وهذه المرة.. بقي الوزير.. وقدم الكمسري لمحاكمة عاجلة بتهمة جرم أفضى إلى موت..! التي قد يسجن على إثرها سبع أو عشر سنوات..!

***

واسمحوا لي أن أناقش الموضوع من زاوية إنسانية بحتة..!

قطعا.. الرجل ليس مجرما.. أو إخوانجيا.. أو ساديا.. كل ما هنالك أن الحماس وسوء التقدير قد أخذا منه أكثر مما يجب.. ففعل فعلته الغريبة والشريرة..!

ومع ذلك اسمحوا لي أن أطرح سؤالا:

هذا الرجل الذي تعرض لضربة قدر مفاجئة.. بالضبط شأنه شأن الشابين اللذين مات أحدهما.. ونجا الآخر بأعجوبة.. من سيتولى الإنفاق الآن على أسرته ومن الذي يرعى شئون بيته طوال سنوات السجن..؟

الشابان الضحية.. حصلا على تعويض مادي مهما بلغ حجمه فلا يساوي شيئا.. مقابل فقدان ابن عزيز .. أو أخ غال أو خطيب ماتت الفرحة في قلب فتاة أحلامه..!

أما الكمسري .. هل فكر أحد في أولاده .. أو أمه أو أبيه..؟

قطعا لا.. لأن معظم الصدور موغرة ضده.. لكن الإنسانية يجب أن تسمو فوق الاعتبارات..!

من هنا.. فليبحث وزير النقل القضية بنفسه لاسيما بعد أن خرج من الحادثة سليما.. ليعرف كيف يمكن مساعدة "الكمسري" السجين..!

هل لوائح هيئة السكة الحديد بها ما يغطي مثل هذه الحوادث الغادرة.. وهل يوجد لديهم صندوق تأميني أو صندوق مساعدات أو أي شيء من هذا القبيل.. وهل يمكن أن تتدخل وزارة النقل لدى وزارة التضامن ليبحثوا لأسرته عن طريق لا يتعرضون فيه لكوارث أو أخطار حينما لا يجدون سندا أو معينا..؟!

أنا هنا – يا سادة-  أتحدث من منظور إنساني بحت.. أما القانون فها هو يأخذ مجراه.. وأما العقوبة .. فهي التي يقررها قاضٍ عادل بكل المقاييس..!

***

بالمناسبة.. لقد انفطر قلبي.. وأنا أقرأ في عدد المساء الصادر أمس .. مأساة زوجة رئيس مباحث قوص والتي تابعها بحرفية وتميز الزميل مراسل قنا عبد الرحمن أبو زكير..!

لقد روت الزوجة الشابة الطيبة.. كيف أنها فقدت يوما وعمرها لا يتعدى العشر سنوات كلا من  أبيها نقيب المحامين وأمها.. وأخيها وأختها.. واليوم تفقد الحبيب والسند..       !

سبحان الله..!

لقد شاء القدر أن يختار سارة محمد رشاد من بين ملايين الفتيات والسيدات.. لكي تتعرض لأقسى وأشد اختبار..!

نعم.. إنها إرادة الحق سبحانه وتعالى.. لكني أيضا أرجو وزير الداخلية أن يعوضها تعويضا مناسبا.. من خلال لمسات حانية ومعها معاش استثنائي بخلاف معاش زوجها الشهيد.. لأنها ولا شك سوف تعاني باقي عمرها من آلام موجعة.. نفسية وجسدية وكـأنها ستكمل مسيرة أحزانها التي بدأت منذ رحيل صاحب القلب الحاني ومعه نبع الحنان..!

وسبحان الله العظيم الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.

***

و..و..وشكرا

***