سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان " اختفاء الجزر.. المنعزلة أهم ضمانات الإصلاح "

بتاريخ: 21 نوفمبر 2019
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*اختفاء الجزر.. المنعزلة أهم ضمانات الإصلاح

*الأسعار لا تنخفض تلقائيا.. لكن المنبع لابد أن يكون البداية

*التوسع في مصانع العلف.. والمناحل.. يريح السوق ويوفر فرص العمل

*إعادة هيكلة شركة النصر للتصدير والاستيراد.. خبر سار جدا

*كم نتمنى أن تمتد نفس النظرة لشركة النصر لصناعة السيارات ومجمع الألومنيوم

*شرعية الاستيطان.. تستفز مشاعر الفلسطينيين أكثر وأكثر

*بعد الصحف الورقية.. هل يأتي الدور على التليفزيون قريبا؟!

*سيادة وزير الاتصالات.. مازال إزعاج رسائل المحمول مستمرا

*المحافظون في بريطانيا.. يلعبون بورقة الاقتصاد.. فرص نجاحهم.. تزداد!

*الصين سعيدة بإنقاذ 334 ألفا من الفقر المدقع.. الباقي كم..؟

 الإصلاح سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.. ينبغي أن يقوم على أسس واضحة.. ورؤى محددة.. في نفس الوقت الذي ينبغي أن تراعي برامج تنفيذه ضرورة التخلص من ثغرات الماضي وسلبياته.. ولعل ذلك.. من أهم الأسباب التي أدت إلى نجاح خطة الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها مصر– ومازالت- بعلم.. وإتقان.. وفهم.. ووعي.

***

ولعلنا نلحظ أن الحديث خلال الأيام الماضية يتركز حول انخفاض الأسعار.. وزيادة رقعة الحماية الاجتماعية.. وهذان الهدفان العزيزان لم يكن من الممكن تحقيقهما في ظل الجزر المنعزلة التي عانينا منها على مدى عقود وعقود..!

مثلا.. من أهم أسباب ارتفاع أسعار اللحوم.. ذلك الصراع الشهير بين وزارتي الزراعة والتموين مما أدى في النهاية إلى وقف ما يسمى بمشروع البتلو.. فحدث ما حدث..!

الآن تغيرت الصورة تماما.. حيث بدأ التنسيق بين الوزارات بعضها والبعض.. وبين الهيئات الحكومية وغير الحكومية.. ولقد بدا ذلك واضحا بموافقة وزارة  الزراعة مؤخرا على الترخيص لـ 510 مصانع أعلاف و149منحل عسل مما يحقق هدفين أساسيين:

Xالأول: عدم لجوء أصحاب مزارع الدواجن لشراء العلف من السوق السوداء كما كان يحدث من قبل الأمر الذي يساعد تلقائيا على خفض سعر الدواجن.

Xالثاني: توفير فرص عمل للشباب.. فضلا عن تشجيع الصناعات الصغيرة..!

ثم.. ثم.. إن التوسع في مناحل العسل.. يزيد من الإنتاجية وبالتالي يتوفر المعروض من "عسل النحل" الذي بات يستخدم في مركبات الدواء.. وفي التصدير للخارج..

وهكذا.. يتأكد أن البداية عندما تكون من المنبع.. وبعيدا عن الوسطاء.. والسماسرة والمتاجرين بأقوات الناس.. يتحول انخفاض الأسعار من مجرد ظاهرة مؤقتة.. إلى سياسة عامة وثابتة ومستمرة.

وهذا هو بيت القصيد.

***

وسيرا على نفس النهج.. نهج الإصلاح على أسس ثابتة وواضحة.. توقفت هذا الأسبوع أمام نبأ أعلنته الحكومة بإعادة هيكلة شركة النصر للتصدير والاستيراد.

لقد شعرت بسعادة بالغة فور أن لمحت عيناي سطور الخبر.. وأعتقد أنكم تشاركونني هذه السعادة لسبب بسيط.. أن شركة النصر للاستيراد والتصدير.. كانت في يوم ملء السمع والبصر.. وطالما أدت دورا مؤثرا وهاما لاسيما بالنسبة لأفريقيا التي فتحت فيها خلال الستينيات وما بعدها أسواقا تجارية للصادرات المصرية.. علما بأن معظم دول أفريقيا خلال تلك الحقبة الزمنية كانت خاضعة للاحتلال الأجنبي.

لقد قررت مصر وقتها تحدي القوى الأربع المتحكمة في السوق الأفريقي وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وبالفعل نجحت في عملية الاختراق الاقتصادي وأصبح لشركة النصر فروع في 25 دولة أفريقية بها مقار عملاقة للشركة تقدر بمليارات الدولارات.

نعم.. ربما تكون الشركة قد تعثرت بعد أن تعرضت لظروف صعبة خلال مرحلة معينة من تاريخها.. لكن لا يكون ذلك بالتخلص منها نهائيا.. بالعكس لابد من إعانتها لتقوم من عثرتها لتعوض ما فاتها.

من هنا.. أكرر أن بث الحياة في شركة النصر للاستيراد والتصدير من جديد.. سيكون له أبلغ الأثر في مسيرة الاقتصاد.. لاسيما ما يتعلق بالاستيراد من الخارج.. والتصدير إليه أيضا.

وكم أتمنى أن تمتد نفس النظرة إلى شركة النصر لصناعة السيارات التي قال عنها وزير قطاع الأعمال منذ فترة طويلة إنه سيطرحها لمستثمر أجنبي الذي تتوفر له إمكانات ليست لدينا.. مثل التكنولوجيا وجودة التسويق.. وبصراحة أنا لا أدري كيف نحكم على أنفسنا بذلك.. ونحن الذين كانت لنا الريادة في هذا المجال منذ نهاية الخمسينيات حتى الآن.

نفس الحال بالنسبة لمجمع الألومنيوم الذي كان يعتبر أكبر مصنع في الشرق الأوسط .. ويقولون إن هذا المصنع حلت به الكوارث واحدة تلو أخرى.. وآخرها الحريق الذي شب في الشهر الماضي في إحدى محطات الكهرباء به.. والله وحده أعلم ماذا آل إليه مصير هذا المجمع الذي سبق أن تحدينا به العالم كله.. بعد إنشاء السد العالي..!

***

وقبل أن نعبر حدودنا من خلال هذا التقرير.. دعونا نفكر فيما ستسفر عنه في النهاية تلك الثورة المعلوماتية اللامحدودة..!

لقد عرفنا.. إلى أي مدى تأثرت الصحف الورقية بشبكة الإنترنت.. وكيف أن أشهرها على مستوى العالم اضطر لإغلاق أبوابه.. أما أن يدخل التليفزيون نفس النفق المظلم.. فهو.. ما يثير انزعاج تلك الحكومات وأصحاب رءوس الأموال في الشرق والغرب..!

نعم مازال التليفزيون حتى الآن يجد مشاهديه.. لكن السؤال إلى متى؟

.. مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر انتشارا ساحقا.. وبات يقبل عليها الكبار والصغار.. والمتعلمون وغير المتعلمين..!

إذن بعد خمس أو عشر سنوات ماذا سيحدث؟

يقول خبراء الإعلام في أمريكا وأوروبا.. إن هؤلاء المشاهدين سينصرفون رويدا.. رويدا.. لأنهم يجدون كل ما يحتاجونه.. في ذلك الجهاز الصغير المسمى بالمحمول.. أو الموبايل.. سواء أكنت في المنزل.. أو راكبا سيارة.. أو مستقلا طائرة.. أو لا أريد أن يزعجني صديق.. أو قريب أو حتى ابن.. أو زوجة فلماذا إذن التمسك.. بتلك الآلة العتيدة ذات الوزن الثقيل التي تحتاج إلى أدوات مساعدة لتشغيلها..!

يعني.. ببساطة شديدة.. أقول لأهل التليفزيون استعدوا لرحيل.. صديقكم الذي عشتم معه سنوات.. وسنوات.

***

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. ومع اعتزازنا بالمحمول ومشتقاته.. إلا أننا نرفض رفضا قاطعا أن يكون مصدر إزعاج أناء الليل وأطراف النهار..!

ولقد اتخذ الجهاز القومي للاتصالات إجراء واحدا حاسما إزاء إحدى شركات المبيدات.. التي تبعث برسائلها بعد منتصف الليل مستغلة حصولها على بيانات الناس التي من المفترض أنها تتمتع بالسرية..!

لكن بعد هذا القرار سرعان ما عادت الأمور إلى ما كانت عليه.. وعادت نفس الشركة تبعث برسائلها الاستفزازية.

أما الأغرب.. والأغرب.. أن تنتقل اللعبة من شركات الحشرات إلى المغنية اللبنانية نانسي عجرم.. التي تستيقظ من نومك فجـأة على رنين الرسالة التي تقول لك في سذاجة ما بعدها سذاجة..

مبروك.. كسبت مع خدمة غنيلي مع نانسي.. لك يومين ببلاش وكمان فرصة للفوز بهدية دهب مقدمة من نانسي عجرم لما تكلم رقم"كذا" وستستقبل أيضا.. أجدد صور وأخبار نانسي عجرم حصريا..!

الاشتراك بـ 75 قرشا في اليوم..!

بالله عليك يا سيادة الوزير.. هل هذا كلام..؟!

من الذي سمح للأخت نانسي عجرم ووكيلها الفني.. وأدوات دعايتها.. بالحصول على أرقام عملاء المحمول.. ثم ما هذا الاستجداء الرخيص الذي لا يليق بمطربة عربية..؟!!

ومن.. من قال لكم جميعا.. إن الرسالة ستستقبل بترحاب من جانب الأطراف الأخرى..؟

القانون معك يا سيادة الوزير.. وأرجوك طبق مواده بدقة.. حيث بلغ السيل الزبى..!

***

والآن.. وكما أشرت آنفا.. نتحرك قليلا إلى ما وراء حدودنا..!

لقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أول أمس.. أن الاستيطان الإسرائيلي مشروع.. وأن التوسع فيه لا يضر عملية السلام..!

طبعا.. كلام منحاز مائة Xالمائة.. حيث إن جميع القرارات الدولية أدانت بناء المستوطنات على الأرض المحتلة.. فما بالك بالتوسع فيها..!

إن هذا يؤدي بما لا يدع مجالا للشك إلى استفزاز مشاعر الفلسطينيين أكثر وأكثر.. وبما يرسخ في أعماقهم.. الرغبة في الانتقام بوسيلة أو بأخرى..!

عندئذ.. تظل النيران مشتعلة ويظل الإسرائيليون قبل الفلسطينيين يعانون من انعدام الأمن.. وافتقاد الاستقرار..!

يا سادة.. لابد من تغيير اللهجة.. وتعديل السياسة المنحازة.. وإلا ستظل منطقة الشرق الأوسط تغلي دائما وأبدا فوق بركان..!

***

ثم..ثم.. نتقدم خطوات أوسع وأوسع لنصل إلى بريطانيا التي تجري بها انتخابات مبكرة الشهر القادم وذلك للمرة الأولى منذ مائة عام تقريبا..!

هذه الانتخابات دعا إليها رئيس الوزراء "المحافظ" جوريس جونسون بهدف الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي.. وحتى الآن لا يستطيع أحد التكهن بنتائج تلك الانتخابات..

هل يفوز جونسون أم يتغلب عليه منافسه رئيس حزب العمال جيريمي كورين وإن كانت استطلاعات الرأي تقول حتى كتابة هذه السطور.. إن جونسون يتقدم على كورين 14 نقطة.. وتلك ليست نسبة هينة.

ولعل السبب أن المحافظين ركزوا على الاقتصاد فزادت فرص نجاحهم.

عموما.. دعونا نرقب وننتظر..!

***

أخيرا.. نصل للمحطة الأخيرة البعيدة.. وأعني بها الصين..! 

لقد احتفلت الصين منذ أيام.. بخروج 334 ألفا من مواطنيها من دائرة الفقر التي تعهدت الحكومة هناك بالقضاء عليها تماما عام2030 بعد أن رصدت 113,6 مليار يوان لمواجهته..!

شيء جميل بحق.. أن تصل الصين إلى تلك المرحلة في محاربة الفقر.. لكن الـ334 ألفا هؤلاء لا يمثلون سوى قطرة في مياه بحر عميق نسبة لعدد السكان الذي وصل حتى الآن.. إلى مليار و500 مليون..لكنها العزيمة.. وأيضا الإصرار.. ولنعترف بأن الصين حققت خلال العقدين الماضيين.. أحلى النتائج في مجالات شتى.. مما يعني أنهم سوف ينتصرون في حربهم ضد الفقر.. وهم واثقون مسبقا من هذا النصر وأحسب أن العالم كله معهم.

***

و..و..وشكرا