*اللبنانيون يسترجعون يوم"الاستقلال" وهم يفترشون الآن.. أرصفة الشوارع
*اتفقوا على التحرر من الخلافات الدينية والسياسية.. فتحقق لهم ما أرادوا.. وانتصروا على الفرنسيين
*الحرب الأهلية "الطاحنة".. تعلموا منها كثيرا.. ومع ذلك.. فليأخذوا حذرهم جيدا
يبدو أن العقل الجمعي اللبناني استعاد سنوات عديدة ماضية ليتخذ موقفا واحدا ليس فيه نزعات طائفية.. أو خلافات سياسية.
تذكر اللبنانيون وهم يفترشون أرصفة الشوارع مطالبين بحقوقهم السياسية والاقتصادية.. عندما انتفض الآباء والأجداد من مسلمين ومسيحيين ليعلنوا استقلال البلاد عام 1943 وتحررهم من الاستعمار الفرنسي..!
في هذا اليوم انتصر الحس القومي على ما عداه من أحاسيس ووقتئذ دخل لبنان.. مراحل عديدة في حياته كشعب.. وحكومات متعاقبة.
***
نعم.. لقد سقطوا في حرب أهلية طاحنة في الفترة ما بين 1975 و1990 أي على مدى 15 عاما دفعوا خلالها أثمانا باهظة.. من البشر.. ومن البنية التحتية.. ومن الأمن والاستقرار.
ثم.. ثم.. ما أن عادوا إلى صوابهم حتى تعاهدوا من جديد.. على تنحية أية خلافات مذهبية أو سياسية..
***
من هنا.. جاء الاحتفال هذا العام بالذكرى السادسة والسبعين للتحرير من نير الاستعمار الفرنسي.. مختلفا عن أية احتفالات سابقة..!
الناس في الشارع منذ أكثر من شهر.. ولم يحدث أن نشب نزاع واحد بينهم خلال تلك الفترة.. بل إنهم يهتفون.. ويغنون.. ويرقصون"الدبكة".. متعاهدين على ألا يشق صفهم كائن من كان..!
وبالتالي عندما أراد حزب الله أن يدق الأسافين مدعيا أن هناك عناصر أجنبية هي التي تحرك الجماهير.. لم يلتفت أحد إلى تلك الاتهامات التي ساقها جهارا نهارا أمين عام الحزب حسن نصر الله.
وعندما ظهرت المناورات السياسية بخلفياتها وتوازناتها ومصالح أصحابها المشتركة.. الذين عادوا ليطلبوا الإبقاء على سعد الحريري رئيسا للوزراء بعد أن قدم استقالته.. فقد جاء العقل الجمعي من جديد ليعلن تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط لا ينتمي أعضاؤها إلى تيار ديني أو حزبي أو سياسي..!!
***
وهكذا يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن مصالح الوطن العليا.. تبقى دائما وأبدا فوق أية نزعات خاصة.. يحدث هذا في لبنان وغير لبنان لأن عشق الأرض لا يدانيه عشق في الوجود.
ربما لا يعلم الكثيرون في العالم العربي أن لبنان به 17 دينا وطائفة معترف بها رسميا.. وأن الذين يعيشون فوق أرضه لا يزيدون عن أربعة ملايين بينما يوجد 18 مليونا آخرون موزعين على شتى بقاع الأرض.
إذن والأحوال كذلك.. فإن اللبنانيين مطالبون في تلك الآونة بالذات بأن يضعوا في اعتبارهم عدة حقائق أساسية:
Xأولا: أن يظلوا متمسكين بوحدتهم الوطنية بعيدا عن أية خلافات.
Xثانيا: ألا يسمحوا لأية قوى داخلية أو خارجية باختراق صفوفهم لأن المتربصين كثيرون والمتآمرون على سلامتهم أكثر وأكثر.
Xثالثا: ألا يتورطوا في الاعتداء على الممتلكات الخاصة أو العامة لأن هذه الممتلكات أولا وأخيرا تخص كل بني الوطن بلا استثناء..
Xرابعا: الذود عن جيشهم بكل ما أوتوا من قوة.. ليظل الجيش حاميا لإرادتهم محافظا على تماسكهم وإذا ما تفكك-لا قدر الله – لضاعت الأرض وضاع العرض وضاع الإنسان.. وضاع كل شيء.
***
في النهاية تبقى كلمة:
العلاقة دائما بين سوريا ولبنان.. مثل علاقة القط والفأر.. فالسوريون يهيمون شغفا بسهول لبنان وجباله ووديانه وأناسه..
نفس الحال بالنسبة للبنانيين الذين يرفضون الوصاية عليهم من أي نوع.. أو شكل.. لكن إذا ما جمعتهم لقاءات مع السوريين .. دوت أهازيج الإشادة.. والترحيب.. والحفاوة البالغة.
من هنا.. إذا كانت سوريا قد أصابها ما أصابها فينبغي على اللبنانيين في تلك الآونة بالذات أن يأخذوا حذرهم.. تجنبا للسقوط في بئر عميقة لا يعرف نهايتها سوى الله سبحانه وتعالى..!
***
و..و.. وشكرا