*بداية مبشرة بالخير.. ولكن:
من يضمن الاستمرارية..؟
*المحافظون الجدد.. حريصون على التواجد مع الناس
أما نوابهم.. فأين..؟
*انتهى زمن منظرة المنصب.. والمجاملة الزائدة.. لم تعد مطلوبة..!
البشائر تبدو حتى الآن مطمئنة.. والمؤشرات تقول إن المحليات في مصر يمكن أن تدخل عصرا جديدا تتلاشى فيه المشكلات الأزلية.. وأوجه الثغرات والعيوب..!
المحافظون الجدد.. يقومون بجولات صباحية ومسائية يحاولون من خلالها بحث مشاكل الجماهير على أرض الواقع.. إما بالاستماع إليهم.. أو ملامسة ما يجري وما يدور في الشوارع والحارات.
مثلا.. المحافظ الذي ذهب ليتفقد أحد المستشفيات فلم يجد فيه طبيبا ولا ممرضا.. ولا.. ولا.. فأمر على الفور بإحالتهم للتحقيق..!
نفس هذا المحافظ ذهب لتقديم واجب العزاء في وفاة عامل نظافة..!
محافظ آخر جمع رؤساء المدن والقرى.. وأعطاهم درسا في كيفية الحفاظ على النظافة وإزالة أكوام القمامة أولا بأول مهما كلفهم ذلك من جهد..!
بالفعل.. ظهرت في اليوم التالي نتائج سياسة المحافظ الحاسمة ومتابعته الجيدة..
محافظ ثالث شاء ألا يذهب إلى مكتبه بعد صدور قرار تعيينه.. بل أعلن أنه سيمضي معظم وقته في الشارع.. وحتى الآن لم يمكث في المكتب سوى ساعة أو ساعتين.. وباقي اليوم وجزء من الليل يعيشهما مع الناس..!
***
من هنا يثور السؤال:
من يضمن أن يستمر المحافظون على هذا النهج بعد شهرين أو ثلاثة.. أو حتى عام لاسيما وأنه معروف عنا كمجتمع أن جذوة الحماس عندنا لا تستمر طويلا..؟!
بديهي.. الضمان الوحيد.. النتائج.. فإذا كانت إيجابية.. فتلك دلائل على أن منصب المحافظ في مصر الآن ليس نوعا من أنواع الوجاهة.. أو المنظرة من خلال السيارة رقم (1).. والموكب الذي يضم العديد من الموتوسيكلات.. وسيارات النجدة..!
أما إذا جاءت النتائج لتثبت أن الروتينية عادت لتسيطر وأن أصوات الجماهير لم يعد لها صدى يذكر.. فلا مناص عندئذ من الانسحاب إما جبرا أو اختيارا.
***
على الجانب المقابل.. هناك من لا يزال يتمسك بالشكليات.. فتجد الصحف تنشر إعلانات مشاطرة في وفاة إحدى قريبات المحافظ.. دون اعتراض من جانبه.. في حين كان ينبغي أن يرفض النشر الذي ينطوي على شكل صارخ من أشكال المجاملة.
***
أيضا.. إذا كان المحافظ حريصا على التواجد مع الناس.. وعلى المتابعة.. وعلى تحديد الأولويات.. فينبغي في نفس الوقت إتاحة الفرصة لنوابه..
والواضح حتى الآن.. أن معظم هؤلاء النواب متوارون لا يكاد يسمع لهم صوت..!
تُرى.. هل العيب-عندئذ- يقع على المحافظ الذي يريد أن ينفرد بالسلطة وحده.. أم على النائب الذي ربما يكون لديه الرغبة في المشاركة لكنه لا يعرف أين يضع قدمه بالضبط.. وكيف يحدد نقطة البداية؟!
***
استنادا إلى تلك الحقائق.. أعود لنفس السؤال الذي سبق أن طرحته:
ومن يضمن الاستمرارية..؟
الجواب سهل.. حيث إن الناس الآن أصبحوا أكثر وعيا.. وبالتالي إذا لمسوا أن هناك تقصيرا ما.. فلن يصمتوا.. بل هم الذين سيكونون بمثابة جرس تنبيه للقيادات الأعلى..!
كذلك.. أفترض أن وزارة التنمية المحلية لديها أجهزة متابعة.. وتقييم.. أم أن دور هذه الوزارة قاصر فقط على الإشراف عن بعد..؟
ثم..الأهم.. والأهم.. المجالس المحلية التي يفترض أنها مسئولة عن الرقابة.. والمتابعة لذا.. نتمنى أن تخرج هذه المجالس إلى النور من خلال انتخابات نزيهة وحرة.. وقريبة..أكرر وقريبة..
***
في النهاية تبقى كلمة:
لعل من أهم ميزات الإنسان المصري.. أنه يتمتع بقناعة ذاتية لا ينازعه فيها منازع.. وبالتالي من السهل إرضاؤه من خلال الاهتمام به.. وبمشاكله.. والتأكيد بصفة مستمرة على أن كرامته مصانة.. وثمنه غالٍ وغالٍ جدا.
تلك الحقيقة.. لو تم استيعابها جيدا.. لاسيما في ظل هذا المجتمع الجديد الذي نتعاون جميعا على إرساء قواعده وأسسه.. فسوف يظهر لنا تلقائيا الموظف الجاد.. والعامل المجد.. بما يجبر السلبية والتراخي على التواري.. بل على الاختفاء..
وعلى الله قصد السبيل..
***
و..و..وشكرا
***