*فرق بين الدولة .. واللا دولة!!
*فاز حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات وبعد ساعة.. صدر خطاب التكليف لرئيس الحكومة
أما في العراق.. ولبنان فالعجز السياسي سيد الموقف!
فاز حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات المبكرة التي جرت مؤخرا بأغلبية ساحقة.
في اليوم التالي لإعلان النتائج.. استقبلت الملكة إليزابيث رئيس الحزب بوريس جونسون وكلفته رسميا بتشكيل الحكومة.
إنها إجراءات واضحة.. وقواعد محددة غير خاضعة للبس أو التأويل.. أو الجدل أو المناقشة..!
وغادر جونسون مقر الملكة في قصر باكنجهام ليتوجه على الفور إلى مكتبه في10 داوننج ستريت معلنا أنه سينهي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل 31 يناير عام 2020 ومن يريد الاعتراض بعد ذلك فليعترض لأنه يملك بين يديه أغلبية الشعب التي منحته أصواتها..!!
***
انظروا الفرق بين هذا الذي جرى في بريطانيا .. وبين ما تشهده كل من العراق ولبنان على سبيل المثال..!
العراقيون عاجزون عن التوصل إلى رئيس وزراء يتولى حكم البلاد التي تحولت إلى حمامات من الدم نتيجة العرقية المقيتة والطائفية التي أشعلت ضراوة الانتقام والانتقام المتبادل بصورة يندى لها الجبين.!
نفس الحال بالنسبة للبنان الذي مازال قادته يلفون ويدورون حول إعادة اختيار رئيس الوزراء الذي أقالته الجماهير الغاضبة.. ولأنهم يعرفون أنه اختيار لن يلقى قبولا فقد أدت عدم قدرتهم على المواجهة إلى تعذر الوصول إلى القرار الحاسم..!
***
نعم.. لا يمكن إنكار.. أن الخلافات في بريطانيا أخذت تزداد حدة وعنفا بسبب ما أسمته باتفاق بريكست.. الخاص بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي.. لكنها كلها خلافات دارت في ظل إرادة مستقلة للشعب البريطاني سواء المؤيدين منهم أو المعارضين.. دونما ضغوط أو ترهيب.. أو تبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة..!
أما الأخوة في العراق.. فقد فقدوا إرادتهم منذ أن وطأت القوات الغازية الأمريكية أراضيهم ودمرت جيشهم..وشتت جمعهم.. ثم سلمتهم بعد ذلك لقمة سائغة لملالي إيران..!
تصوروا أمريكا تفرط في العراق الذي تكبدت في سبيله آلاف الضحايا ومليارات الدولارات لتقدمه طائعة مختارة لمن لا تتوقف تهديداتها لهم أناء الليل وأطراف النهار..!
طبعا.. كانت النتيجة.. أن اختلط الحابل بالنابل.. وتحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم.. وانقسم الشيعة على أنفسهم.. بعد أن أخذوا من السنة.. البقية الباقية من أمنهم.. واستقرارهم.. وكرامتهم..!
لهذا.. تتعثر محاولات اختيار رئيس الوزراء -ولو فرضنا جدلا- وتوصلوا إلى اتفاق على الاسم.. فإنه اتفاق لن يستمر طويلا.. إذ سرعان ما ستعود الأمور إلى ما هي عليه.. من العنف المتمثل في الاغتيالات والنسف والتدمير.. والخطف.. والاغتصاب..!
***
أما بالنسبة للبنان.. فطالما أن حزب الله يرفض مبدأ الحكومة التكنوقراط بسبب أطماعه السياسية في الحكم.. فأبدا لن يتم تشكيل أي حكومة بعيدة عن الإطار الذي رسمه الحزب الذي يهدد ببعثرة الأوراق قبل تجميعها.. وتمزيق الخيوط.. قبل محاولات تربيطها..!
***
في النهاية يثور السؤال:
هل يستفيد كل من العراقيين.. واللبنانيين.. ولنضف إليهم الليبيين والسوريين.. من دروس الأمر الواقع..؟
الإجابة تأتي من خلال سؤال بسؤال:
أي دروس.. وأي استفادة.. بينما الدولة غائبة.. أو بالأحرى غرقت في بحر الظلمات.
***