سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " مصائر الناس.. هل تتحكم فيها سياسات دول أم تصرفات أفراد..؟ "

بتاريخ: 05 يناير 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*حينما تتشابه سياسات الدول مع تصرفات الأفراد.. هل يصبح على الدنيا السلام.. أم العكس..؟

*غرور ملالي إيران.. ونفاد صبر الأمريكان يضعان الشرق الأوسط في دائرة أخطر الزلازل وأشد البراكين

*وفي ليبيا.. العثماني الأحمق في مواجهة القبائل والجيش الوطني ورافضي التدخل المشبوه

واضح أن الدول –حتى الكبرى منها- تتصرف أحيانا مثل تصرفات الأفراد الذين يتبادلون العراك فيما بينهم وكل طرف يصر على أن يأخذ بثأره من الآخر حتى ينتهي الأمر بسقوط قتلى وجرحى.. فضلا عن أحكام بالإعدام لهذا النفر أو ذاك..!

***

ولعل ما يجري حاليا بين أمريكا وإيران يؤكد أن كلا منهما يصر على عناد الآخر مما أدى إلى حالة من الانتقام والانتقام المتبادل التي لا يعرف مداها سوى الله سبحانه وتعالى..!

الإيرانيون أو عملاؤهم أشعلوا النار في مقر السفارة الأمريكية في بغداد التي أصبحت الآن في قبضة ملالي طهران.. ولم تكد تمر ساعات حتى كان الرئيس ترامب يصدر تعليماته باغتيال واحد من أبلغ رجال إيران قوة وتأثيرا.. و.. وإرهابا أيضا.. مما أفقد الإيرانيين صوابهم وأعلنوا صراحة أنهم سيعوضون الضربة القاتلة بضربات عديدة تطال الأمريكيين إما داخل بلادهم أو خارجها..!

***

وهكذا ازداد البركان غليانا فوق غليان.. بحيث أصبح بين قاب قوسين من القذف بحممه لتحرق الزرع والضرع ومعهما البشر بطبيعة الحال.

طبعا.. الأمريكان لهم مبرراتهم وحيثياتهم التي تؤكدها الشواهد والوقائع حيث ترتكب إيران العديد من عمليات الإرهاب الذي تفخر بتصديره لجيرانها وغير جيرانها..!

الذي تسبب في قتل مواطنين أمريكيين مما يستلزم حمايتهم.. واتخاذ إجراءات وقائية حتى لا يسقط المزيد..!

أما بالنسبة لإيران.. فإنها تقول إن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها واشنطن.. حتمت عدم الخضوع والاستسلام للإرادة الأمريكية إلى ما لا نهاية.. بل لابد من اتخاذ الوسائل التي تجبرها على تعديل سياستها وسلوكياتها..!

***

المهم.. فإن السؤال الذي يدق الرءوس بعنف:

هذا التحدي الصارخ بين الطرفين.. ألا يمكن أن يؤدي بالفعل إلى إشعال نيران حرب قد لا تبقي ولا تذر..؟!

الإجابة ببساطة : إن هذا الأمر ليس مستبعدا في ظل ذلك المناخ المغطى بالضباب الكثيف وتلك التوترات التي أصبح القضاء عليها أو التخفيف من حدتها عسير التحقيق.. وذلك في ظل الحقائق التالية:

أولا: ملالي إيران أناس عقولهم مغلقة.. وغرورهم فاق الحدود.. حيث يصور لهم خيالهم المريض قدرتهم على حكم العالم.. بالدم .. والتدمير.. والتخريب..​ثانيا: هؤلاء الملالي توعدوا الأمريكان برد قاس وهم بالتالي لا يريدون أن يظهروا وكأنهم يقولون غير ما يفعلون.. مما ينبئ بأنهم سيتحينون فرصة قريبة للأخذ بثأرهم.ثالثا: أمريكا تقول إن صمتها تجاه أفعال إيران ليس ضعفا.. ولكنه يدخل في إطار ضبط النفس.. والآن قد نفد صبرها..ولن تتحمل أكثر مما تحملت.

ثانيا: هذه الحشود التي بعثت بها أمريكا للعراق.. والسعودية والكويت وقطر يتعذر عودتها إلى قواعدها إلا بعد أن تكون قد أدت مهمة يصعب تكرارها ثانية.

ثالثا: الرئيس ترامب سيشعر في قرارة نفسه بأنه هزم الديمقراطيين هزيمة ساحقة في وقت كانوا يدبرون للإطاحة به.. وإذا كانت حجتهم في عدم حصوله على موافقة الكونجرس لتوجيه الضربة الأخيرة.. فإن الدستور ليس في صفهم حيث لا يقضي بهذه الموافقة.. مما يشجع الرئيس تلقائيا على اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد إيران.. رغم تعهده بعدم التخطيط لإسقاط نظامها ولا بشن حرب شاملة ضدها..!

***

ولعل الموقف في ليبيا لا يختلف كثيرا بسبب التصرفات الهوجاء من حاكم تركيا الأحمق الذي يصر على أن يعيش في جلباب أجداده العثمانيين الذين عاشوا عصور الجهل والتخلف؟؟

الآن.. ألسنة اللهب مشتعلة في ليبيا.. حيث ترفض الأغلبية هذا التدخل التركي الغريب.. وحيث أعلن قائد الجيش الوطني اللواء حفتر التعبئة في كافة أنحاء البلاد.. وحيث استعدت القبائل لمواجهة قوات أردوغان بشتى أنواع الأسلحة بما فيها الطوب.. والحجارة..!

كل ذلك يحدث في ظل رفض دولي وإقليمي للمعاهدة المريبة التي عقدها أردوغان مع صديقه فايز السراج رئيس حكومة ليبيا غير المعترف به دوليا.. ولا محليا.. مما يفتح الأبواب على مصاريعها لقوى عديدة لدخول الحلبة.. ومن هذه القوى من تضع مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار.. ومنها من يجيء طمعا في نهب الثروة والتهام ما تبقى من خيرات هذا الوطن العربي المغلوب على أمره.

***

في النهاية أقول.. إن المشهد الآن في الشرق الأوسط يشبه إلى حد كبير زلزال شيلي الشهير الذي أدى إلى فيضان تسونامي الذي تسبب بدوره في مصرع الآلاف من البشر..!

***

أيضا.. لا يختلف عن بركان جبل بيليه الذي يطلق سحبا نارية لا تكاد تتوقف ليلا ونهارا وتصل سرعتها إلى 700 كيلو متر في الساعة ودرجة حرارتها 800 درجة مئوية.

***