سمير رجب يكتب مقاله " غدا مساء جديد " بجريدة المساء بعنوان " العراقيون الذين كانوا.. والذين تتحكم فيه الآن.. الطائفية والعرقية.. والحزبية الضيقة! "

بتاريخ: 05 فبراير 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*العراقيون الذين تمزقت صفوفهم..!

*بعد أن كانوا.. لا ينطقون بكلمة إذا بهم يمنعون تشكيل الحكومة 4 شهور كاملة!

*رئيس الوزراء.. يعجب طائفة وترفضه طائفة أخرى..!

*لعن الله الحزبية الضيقة.. والعرقية المتحكمة!

ظل العراقيون على مدى ثلاثين عاما وأكثر.. لا يجرأون على النطق بكلمة واحدة سواء داخل منازلهم أو خارجها فالنظام شديد البطش عنيف الانتقام..!

ويقولون إن الرجل الشيعي المتزوج من سنية التي إذا وشيت به لدى قيادة حزب البعث الحاكم.. فلن تقوم له قائمة والعكس صحيح..!

***

ولقد زرت بغداد مرات عديدة وفي كل مرة كنت أسأل عن مرافقي الذي سبق أن صاحبني فلا أتلقى ردا حتى اكتشفت الحقيقة.. أن جهاز المخابرات الذي يتبعه يجري بين كل آونة وأخرى حركة تصفيات وليس تغييرات.. وطبعا لم أعلق.. وإن كنت قد أدركت ماذا يحدث بالضبط..!

***

الآن وبقدرة قادر تحول العراقيون.. إلى معترضين.... ومتظاهرين.. ومعتدين على الممتلكات العامة والخاصة.. والدولة عاجزة عن اتخاذ أية إجراءات حاسمة..!

تصوروا.. البلد بلا حكومة منذ أربعة شهور.. لماذا لأن الناس الذين تفرقوا إلى شيع.. وأحزاب.. وطوائف لا يعجبهم اختيارات رئيس الجمهورية.. لمن يتولى رئاسة الحكومة..!

وبديهي.. الناس كلهم ليسوا على وتيرة واحدة.. مما يتعذر معه وجود أي نوع من أنواع الاتفاق نظرا لسيطرة الحزبية من ناحية.. والعرقية والطائفية من ناحية أخرى..!

***

ومنذ أيام أعلنوا رسميا ترشيح وزير سابق اسمه محمد توفيق علاوي والذي ما أن أذيع اسمه حتى تعالت الهتافات مطالبة بسقوطه رغم أنه لم يتسلم عمله رسميا.. لدرجة أن الرجل وقف ليخطب في المتظاهرين قائلا: استمروا في مظاهراتكم.. ولا تتوقفوا عن الاحتجاجات حتى أنتهى من تشكيل الحكومة.. فإذا ما راقت لكم فأهلا وسهلا.. وإذا لم تعجبكم فسوف أعود حيث كنت..!

***

بالله عليكم كيف تستقيم الأحوال في ظل تلك الظروف الغريبة والعجيبة وغير المسبوقة سواء داخل العراق أو خارجه..؟!

النتيجة التلقائية بطبيعة الحال.. أن الحياة باتت شبه متوقفة.. فالموظفون لا يذهبون إلى مقار أعمالهم.. والدراسة متوقفة بالجامعات والمدارس.. ومرافق الخدمات كلها معطلة..!

من هنا يثور السؤال:

هل يستطيع العراقيون الآن التخلي عن طائفيتهم.. أو مذاهبهم السياسية والدينية..؟!

الشواهد تقول إن هذه الطائفية وتلك المذهبية الضيقة أفقدتهم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.

السؤال يتبعه سؤال آخر:

وإلى متى.. يظل هذا العراك الدامي بين أبناء الوطن الواحد..؟!

للأسف.. هم أنفسهم ليس لديهم إجابة عن السؤال خصوصا.. بعد أن اشتبك أمس المتظاهرون والمحتجون ضد ترشيح رئيس الوزراء الجديد ما من يسمون بأصحاب القبعات الزرقاء الذين يتزعمهم رجل الدين الشيعي صاحب التأثير الكبير مقتدى الصدر.. والذي أعلن أنه سيتخذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الانضباط .. فهل يستطيع..؟

***

المهم.. وباختصار شديد.. كل تلك الأحداث والتطورات لم يكن يمكن أن تطفو على السطح.. لو لم تسقط الدولة.. أما وقد أصاب القوم ما أصابهم.. فقد أصبح كل شيء مستباحا.. وبات ما كان ممنوعا منذ سنوات قليلة يلقى المناخ الذي تزداد فيه النيران اشتعالا بين أفراد المجتمع الواحد..!

أنا شخصيا أحسب أن استعادة الدولة مرة أخرى ليس من السهولة بمكان.. خصوصا في ظل غياب السلطة الواحدة التي تحتفظ بكافة الخيوط في أياديها.. أما إذا تبعثرت تلك السلطة وبالتالي تمزقت الخيوط.. فالله وحده سبحانه وتعالى هو الذي يعلم ماذا تصير إليه الأمور..!

لكم الله أيها العراقيون.. الذين كنتم يوما تملكون جيشا قويا.. وتمثلون مجتمعا متماسكا.. وتبذلون جهودكم للحفاظ على وحدة الصف العربي.. فإذا بكم تدخلون أنتم أنفسكم في دوامة الفرقة والتمزق.. والصراع الدامي..!

***