سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان "الإحساس بالأمل يكفي.. فما بالنا إذا تحقق..؟ "

بتاريخ: 08 فبراير 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*الإحساس بالأمل يكفي.. فما بالنا إذا تحقق..؟

*محطات رئيسية في حياة المصريين.. جعلت لابتساماتهم مذاقا خاصا..!

*صيادو كفر الشيخ ودمياط.. لم يصدقوا أنفسهم.. إلا وهم يستقلون الطائرة الخاصة!

*الثأر الفوري من دواعش ليبيا.. أراح النفوس الملتاعة

*.. ثم جاءت تجربة "كورونا" ليسود الاطمئنان كافة الناس

*أحدث وأضخم شبكة طرق.. ورغم ذلك نزيف الأسفلت لا يتوقف.. لماذا..؟

*الشهر العقاري لم يعد يحتاج إلى تصريحات.. المهم مصالح الناس

*أمريكا والحزبية.. الصارخة.. وكأنها العراق!

*ما حدث بين ترامب وبيلوس.. أبلغ دلالات الكراهية السياسية المتبادلة..!

*.. عيد حب تحت حصار الفيروس الصيني.. بين المشاعر الصادقة والأحاسيس الزائفة..!

الإنسان –أي إنسان- لا يستطيع الحياة بدون أمل.. ينطبق ذلك على الكبير والصغير.. الغني والفقير .. الرجل والمرأة.. ومجرد الإحساس بالأمل يعطي دفعة قوية للاستمرارية.. حيث إن فقدان هذا الشعور الإلهي.. يحول النعيم إلى جحيم.. ويمنح الظلام القدرة على هزيمة النور وتلك الطامة الكبرى..!

ولقد كان الأمل –ومازال- محل اهتمام العلماء والفلاسفة والمفكرين.. فقديما قال عنه الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو إن الشيخوخة تتسلق إلى الجسد وهو في ريعان الشباب.. إذا ما فقد صاحبه الأمل..!

أيضا قال المفكر البريطاني توماس كارليل إن العقل القوي لديه دائما ما يبعث على الأمل..!

***

ونحن المصريين بحكم إيماننا العميق بالله سبحانه وتعالى.. لا نفقد الأمل في حياتنا بل بالعكس كلما ألم بنا أمر عصيب.. رجعنا إلى الله سبحانه وتعالى ونحن على يقين بأنه الذي يدبر الأمور.. وبالتالي لا نحزن على ما فاتنا.. في نفس الوقت الذي يغمرنا إحساس بالتفاؤل بأن القادم سيكون أفضل..!

على الجانب المقابل لقد تعرضنا لظروف وأحوال وعشنا أهوالا أدت إلى أن يفقد الأمل بريقه.. ويجعله نفسه حائرا لا يعرف إلى أين سيكون مصيره..!

***

لكن سرعان والحمد لله أن تمكنا من استعادة هذا الأمل بالصبر.. والإيمان.. وتعميق الثقة بالنفس..!

ولعلي أشير إلى ثلاث محطات رئيسية غيرت المشاعر والأحاسيس من النقيض إلى النقيض.. وما كنا نعتبره عسير التحقيق.. إذا بنا نجد أن الطريق قد أصبح أمامنا ممهدا.. بل تضيئه شموع التفاؤل من شتى نواحيه..!

ودعوني أضرب مثلا..حديثا يتعلق بصيادي دمياط وكفر الشيخ الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في أسر القوات اليمنية بحجة أنهم دخلوا مياههم الإقليمية..!

طبعا لست في حاجة إلى أن أشرح ماذا يجري في اليمن.. لكن باختصار شديد لم تعد هناك سلطة بالمعنى المفهوم.. حيث إن الحكومة تسيطر على قطة من أرض الوطن.. والحوثيون المتمردون يصولون ويجولون في مناطق عديدة.. وقطع كثيرة بحيث يصبح من العسير إيجاد خط من التفاهم إذا ما وقعت أزمة.. أو حلت كارثة..!

لذا.. فإني شخصيا أحسب أن الجهد الذي بذلته الدولة في مصر من أجل الإفراج عن الصيادين كان جهدا خارقا يقوم على الحنكة والخبرة وطول البال.. ثم .. ثم يعتمد على الثقل الكبير الذي تتمتع به هذه الدولة..!

وطبعا مفاوضات الإفراج استغرقت وقتا مر على أصحاب المشكلة وكأنه دهر من الزمان إلى درجة أن بعضهم فقد الأمل في لقاء أبنائه وذويه بعد أن سلموا أمرهم لله بينما البعض الآخر.. تولدت بداخله طمأنينة من نوع خاص تبث في أعماقه إحساسا دفينا بقرب الخلاص..!

وقد كان .. فجأة انقشعت غمة الظلام الحالك من زنزانات.. الوحدة ليجد الصيادون أنفسهم أمام طائرة تحمل اسما عزيزا عليهم.. اسم مصر التي لم تغب عن ذاكرتهم يوما..!

اندفعوا إلى باب الطائرة ثم أخذ كل منهم مكانه.. وبعد ساعات هبطوا على أرض الحب.. والوفاء.. والانتماء..!

إنها صورة من صور الأمل الذي لم تفقد الأغلبية الإحساس به.. وبالتالي ما أن خرج إلى حيز الواقع.. حتى كانت الفرحة بقدومه فرحة غامرة.. بل الذين غاب عن وجدانهم رغما عنهم.. أدركوا أيضا.. أن التمسك به من أهم أسلحة الحياة..

***

اللقطة ربما تكون بالنسبة للبعض عادية.. أو غير مثيرة للانتباه.. لكن ينبغي أن نعلم جميعا.. أن ما حدث لا يخص فقط مجموعة الصيادين بل إن معانيه وأبعاده تمتد لتشمل كل بني الوطن.. الذي لابد أن كل فرد يعيش فوق أرضه أو خارجها.. أصبح يوقن الآن.. أنه يتمتع بحصانة لها قدرها.. ولها مكانتها.. حصانة تشهد بأنه مصري لحما ودما.. وهذا يكفي.

***

أما اللقطة الثانية التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا تلك التي كانت يوم الثأر من دواعش ليبيا.. الذين قاموا بذبح عدد من المصريين الأقباط والذين لا حول لهم ولا قوة .. فإذا بطائرات سلاحنا القوي تدك حصونهم .. وتفرق جمعهم بعد ساعات قليلة من الجريمة..

ولعلكم تلحظون أنه في ظل المأساة التي تعيشها ليبيا.. فإن المصريين هناك لم يعد أحد يجرؤ على الاعتداء عليهم .. أو أن يسبب لهم أضرارا جسيمة.. كل ذلك لماذا..؟

نعود ونكرر.. لأن الدولة.. الدولة المصرية تملك من الإمكانيات.. والمقومات ما يكفل توفير الحماية لأبنائها.. في الداخل والخارج بنفس القدر من الاهتمام.. والإصرار.. والعزيمة التي لا تهن ولا تضعف تحت وطأة أي ظرف من الظروف.

***

ثم كانت المحطة الثالثة بإجلاء المصريين من الصين ليصلوا إلى بلدهم في أمان.. ورعاية.. واهتمام.

وقد كتبت عن ذلك بالتفصيل في مقالي بالعدد الأسبوعي أول أمس.

لكني فقط أريد أن أضيف اليوم إلى أن هؤلاء العائدين.. سوف تتشكل لديهم.. صورة جديدة.. من الأمل بعد أن شهدوا بأنفسهم ماذا كان حالهم بالأمس.. ثم ما أصبحوا فيه بعد ساعات قليلة غيرت المفاهيم.. وأرست قواعد متينة من العلاقات الإنسانية بين الحاكم والمحكومين سواء بسواء..!

وهنا أيضا.. فإن أحاسيس الاطمئنان والهدوء النفسي والأمل ليست قاصرة على الصيادين العائدين فحسب.. بل بكل المقاييس.. امتدت ذات المشاعر إلى المائة مليون مصري بالداخل والعشرة ملايين بالخارج الذين لم تعد تقلقهم تداعيات الغربة أو آثارها المريرة.. فنحن الذين بالداخل ندرك أننا نعيش تحت سماء دولة تعرف مسئولياتها.. وتقدر مواطنيها.. ويستحيل.. يستحيل أن تتركهم نهبا للمصادفات.. أو التغاضي.. أو الإغفال.. بل بالعكس.. إنها شديدة الإيمان.. بأن قوتها.. من قوتهم.. وأحلامهم وآمالهم من صنع عقولهم وصقلها في آن واحد..!

***

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن الدولة تمثلت في الحكومة قد أقامت شبكة طرق واسعة تضارع مثيلاتها في أمريكا وبعض الدول الأوروبية وقد تكون أكثر وأكثر..!

لكن السؤال الذي يدق الرءوس بعنف:

كيف في ظل ذلك التطور الحضاري البالغ.. مازال نزيف الأسفلت عندنا لا يتوقف.. فكل يوم تقع حوادث جسام يروح بسببها أناس أعزاء.. وأشخاص كانوا يحلمون هم وذووهم.. ويخططون في أعماقهم لمستقبل مزدهر يشع ضوءا ونورا..!

المشكلة كما أتصور ترجع في الأساس إلى الخطأ البشري بمعنى أن الكثيرين منا حتى الآن.. لا يلتزمون بقواعد المرور وأهمها السرعة التي تعد حتى الآن العامل الأساسي للكوارث المتكررة..!

بديهي.. أن الشرطة لا تستطيع إجبار كل واحد على ضرورة احترام قواعد المرور فذلك ضرب من ضروب المستحيلات..!

إذن المسئولية مسئوليتنا..!

أيها السادة الذين تستقلون سياراتكم.. وأيها الأبناء الشباب الذين يستهويكم جنون السرعة.. وأيها الذين تصرون على إلقاء أنفسكم وسط الطرق الدائرية وغير الدائرية.

أرجوكم فكروا في أنفسكم أولا.. واعلموا أنكم تلقون بأنفسكم إلى التهلكة .. والله سبحانه وتعالى أمرنا بالحفاظ على أرواحنا التي هي في الأساس بيده ومن خلقه.

تذكروا دوما تلك المقولة:

إذا أردت أن تصل إلى مقصدك بسرعة.. فسر ببطء..!

والمثل واضح بلا شك.. وأرجو من الله لكم ولنا السلامة بإذنه وفضله..

***

أيضا.. ما يستحق وقفة.. أو بالأحرى تدخلا قويا حاسما.. هو جهاز الشهر العقاري.. الذي نسمع كل يوم أنه تم تطويره.. وتحديثه.. أو في السبيل لذلك.. أو أنه تم تزويده بمئات الموظفين الجدد.. أو..أو..!

لكن الواقع- يا سادة- يثبت العكس.. فمصالح الناس معطلة والبيانات التي يتلقونها متناقضة مع بعضها البعض.. ووسائل التعبئة الحديثة مازالت في المهد..!

كل ذلك أعتقد أنه لا يليق بمجتمعنا الحضاري ولا بالطفرات التي يشهدها هذا المجتمع يوما بعد يوم..

ونحن في الانتظار..!

***

والآن.. دعونا نعبر كالعادة المحيط الأطلنطي إلى الولايات المتحدة الأمريكية..

زمان.. كنا دائما نعقد المقارنات بين العالم الذي كان يسمى ناميا.. وبين أمريكا التي كنا نتصور أنها بلد التفوق والقدرة والوفرة والتميز في كل شيء..!

ثم سرعان ما سجلت ملفات التاريخ وقائع وأحداثا تثبت العكس تماما..!

مثلا العراق وسوريا وليبيا واليمن.. والصومال كلها تعاني من حزبية مقيتة يهاجمها الأمريكان بعنف وغلظة..!

لكن ما حدث خلال الأيام الماضية يضع هؤلاء الأمريكان إما رغما عنهم أو بإرادتهم.. في نفس هذه الدائرة الحزبية..!

لقد شاهدنا الرئيس ترامب وهو يرفض مصافحة بيلوس زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب التي ردت عليه بدورها بتمزيق النسخة الورقية للخطاب الذي ألقاه في التو واللحظة..!

بالله عليهم.. لو أن هذا حدث في بلد غير بلدهم.. ألم يكن يهرعون لقلب الدنيا رأسا على عقب.. أما وأن الأمر داخل نطاق حدودهم فقد تعاملوا مع الموقف في ليونة أو بالأحرى في ميوعة..!

الرئيس.. ابتلع الإهانة.. وصمت اللهم إلا معلقا بكلمات محددة وبيلوس ازدادت في التحدي بدون تزيد..!

إنه موقف بلا شك يعبر عن الصراع الحاد بين كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وهما أكبر وأهم حزبين في البلاد.. حيث نسى زعماؤهما أنهما يعيشان في بلد طالما تغنوا بما يتمتعون به من حرية وديمقراطية..!

أي حرية.. وأي ديمقراطية بينما كل طرف يريد ذبح الآخر في أول مفترق طرق.. وليذهب الناخبون إلى الجحيم..!

دنيا..!

***

أخيرا.. إليك هذه الحكاية الإنسانية الغريبة أو الفريدة..!

جاءتني مسرعة وقد بدت ملامحها وكأنها خارجة من معركة.. دامية..!

سألت: ماذا بك.. علام هذه الرجفة وذلك التشنج..؟

ردت بصوت يختنق بالدموع:

هل تعرف أن يوم الجمعة القادم.. يصادف عيد الحب..؟

رددت نعم..!

عادت تستطرد:

هذا اليوم الذي ينتظره العشاق والمحبون من العام للعام.. شاء القدر أن أكتشف فيه ما كنت أعتبره.. روح فؤادي..!

قلت: أرجو مزيدا من التوضيح..؟

ردت: لقد جاءني بالأمس "على" ليبلغني أنه لا يستطيع لقائي يوم الجمعة لأنه يخشى من فيروس كورونا..!

تعجبت وقلت له:

مالنا نحن ومال الفيروس هذا.. إن بلدنا آمنة والحمد لله..!

ويبدو أنه لم يقتنع.. حتى فوجئت به يلقي على مسامعي بالخبر الصاعقة.. خبر زواجه في نفس اليوم يوم الجمعة..!

سألته: وهل أنت متأكد بأن زوجتك الجديدة لا تحمل الفيروس..؟

أجاب في صفاقة:

حتى ولو.. فأنا فداء لها حتى آخر يوم في عمري..!

ثم.. ثم.. سألتني ما رأيك؟

قلت: الموقف لا يحتاج رأيا.. إنسان مثل هذا ما يجبرك على التمسك به؟

أجابت:

لا شيء.. إلا أن الغيرة تنهش قلبي لدرجة أني أتمنى السفر للصين وأعود حاملة الفيروس لأقذفه في وجهه.. ووجه الست هانم..!

ابتسمت ولم أعلق..!

إنه جنون الحب في عيد الحب..!

***

              مواجهات

*القلب الذي لا يضمر شرا أو حقدا لأحد.. أغلى قلب في الوجود..!

***

*من تقدم خطوة واثقة للأمام.. لابد أن يكون طريقه من بدايته حتى نهايته.. مفروشا بالورود..!

***

*لا تغضب.. ممن أظهرته التجارب والدلائل على حقيقته.. لأن من أدار ظهره لولي نعمته.. فمكانه الدرك الأسفل من النار..!

***

*كثيرون يضحكون وهم يتألمون.. وكثيرون أيضا يتألمون.. ولكن يذرفون الدمع أنهارا..!

نصيحتي لا تكن من هؤلاء.. أو أولئك..!

كن قويا.. مؤمنا بالله.. مدركا لحقائق الأشياء.. تستمتع بحياة هادئة كريمة..!

***

*أعجبتني هذه المقولة:

عندما يغيب العقل والفكر.. يصبح الإنسان مجرد وسيلة لتحقيق رغبات الآخرين..!

***

*وهذه أيضا:

من رضي بقضاء الله.. أرضاه الله بجمال قدره..

***

*المهارة تصيب هدفا لا يمكن لأحد أن يصيبه أما العبقرية فتصيب هدفا لا يمكن لأحد أن يراه..

      أرثر شوبنهاور

***

*كن عاقلا.. فلا تغضب من الباطل.. ولا تكن أحمقا حتى لا تغضب من الحق..

***

*من السهل أن تجمع أصدقاء عديدين في عام واحد.. لكن الصعب كل الصعب أن تحتفظ بصديق واحد على مدى عشرة أعوام..!

***

*ثم.. ثم نأتي إلى مسك الختام:

اخترت لك هذه الأبيات الشعرية من نظم نزار قباني  بمناسبة عيد الحب:

أريد أن أكتب لك كلاما

لا يشبه الكلام

وأخترع لغة لك وحدك

أفصلها على مقاييس جسدك

ومساحة حبي

أريد أن أسافر من أوراق القاموس

وأطلب إجازة من فمي

فلقد تعبت من استدارة فمي

أريد فما آخر

يستطيع أن يتحول متى أراد

إلى شجرة كرز

أو علبة كبريت

***

و..و..وشكرا