*شكاوى المصريين.. زادت أم تراجعت..؟!
*مليون و300 ألف شكوى خلال عامين و8 شهور.. رقم "عادي"!
*عكس زمان.. عندما كانوا يبعثون بعرائضهم لأولياء الله الصالحين..!
*الرجل القروي الذي اتهم عبد الناصر بمصادرة 100 جنيه كان قد بعث بها إليه "سيدنا الحسين"
*الآن.. الناس تفكر بعقلانية وتغلب "العلم" على القوى الخفية..!
يعرف عن المصريين.. أنهم شعب محب للشكوى.. فأي شيء لا يرضى هذا .. أو ذاك سرعان ما يتحول إلى مادة للاعتراض.. أو الاحتجاج..!
ولعل ذلك يرجع إلى فترات الاحتلال الأجنبي.. حيث كان المستعمر يفرض سطوته.. ويصدر قراراته التعسفية بالحديد والنار..!
ولم يكن أمام الناس وقتئذ.. سوى أن يتوجهوا بشكاواهم التي تثقل كاهلهم إلى أولياء الله الصالحين.. حيث يضعونها في صناديق النذور.. آملين أن يستجيب لصوتهم.. سيدنا الحسين.. أو السيدة نفيسة.. أو السيدة عائشة رضي الله عنهم جميعا.
***
وهنا اسمحوا لي أن أذكر حكاية طريفة يرويها محمود الجيار مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في كتابه..!
يقول الجيار: إن عبد الناصر كان حريصا على معرفة ما تحتويه صناديق النذور الموجودة في أضرحة أولياء الله الصالحين بعد أن عرف أنها تمتلئ بشكاوى المواطنين..
مرة وجد رسالة بعث بها أحد القرويين الطيبين يطلب فيها من الإمام الحسين 200 جنيه إعانة أو مساعدة عندئذ أمر عبد الناصر بصرف 100 جنيه للرجل لكن المفاجأة أن عاد "المواطن" اللحوح ليبعث خطابا جديدا للإمام الحسين .. يتهم فيه عبد الناصر بسرقة 100 جنيه!
ويقول الجيار: إنه من المرات القلائل التي ضحك فيها الرئيس عبد الناصر بصوت عالٍ.. ويقرر صرف مائة جنيه أخرى لواحد من المصريين واضح أنه في حاجة إليها وبالتالي لا ينبغي أن يكسر بخاطره..!
***
ومنذ أيام وقف أحد أبناء محافظة الدقهلية يشكو للمحافظ أثناء اجتماع عام من وجود درجة سلم على عتبة باب منزله ويطالب بإزالتها.. الأمر الذي أثار المحافظ ليتساءل في دهشة واستغراب:
Xوهل تريد مني أن أناقش في مثل هذا الاجتماع درجة سلم..؟!
والأمثلة كثيرة ومتنوعة..
لذا فإن التصريح الذي أدلى به مؤخرا مدير الشكاوى الحكومية في مجلس الوزراء والذي قال فيه إن إدارته تلقت مليونا و300 ألف شكوى خلال الفترة منذ يوليو عام 2017 حتى الآن أي على مدى ما يقرب من عامين و8شهور هذا التصريح في رأيي يعكس نوعا من الإيجابية وليس العكس.. لأن العدد يمكن قبوله منطقيا..وأنا أتصور أن الناس بدأوا بالفعل يعزفون عن تحرير الشكاوى سواء للجهات الحكومية .. أو لأولياء الله الصالحين.. لأنهم يفكرون الآن بعقلانية في الوقت الذي يغلبون فيه العلم على القوى الخفية التي كانت تسيطر في الماضي على سلوكيات وتصرفات فئات غير قليلة من أبناء الوطن..!
***
إذن والحال هكذا.. فينبغي أن نطمئن إلى أننا أصبحنا بحق أناسا يتعاملون مع الأشياء بأدوات العصر.. وليس بتخاريف زمان وبكل المقاييس .. عندما يصبح العقل هو صاحب القرار الأول والأخير.. فإن الإنسان ينعم تلقائيا بالأمان والراحة والطمأنينة .. وهذا ما نستشعره الآن في حياتنا كلها.!
مبروك.. أيها المصريون الذين تغيرون أنفسكم بأنفسكم في أهم وأغلى وأخطر حقبة من تاريخكم المجيد والسعيد.. بإذن الله وفضله.
***
و..و..وشكرا
***