سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان " "الفيروس" الذي غير بين يوم وليلة عادات وتقاليد الشعوب! "

بتاريخ: 14 مارس 2020
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

*تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*"الفيروس" الذي غير بين يوم وليلة عادات وتقاليد الشعوب!

*الشبح الغامض الذي هز بورصات العالم!

*بنات إيطاليا اللاتي تعودن على السهر.. مجبرات الآن على النوم مبكرا

*آه .. لو توصل فعلا.. باحثونا.. للمصل المنقذ!

*المشكلة التي يجب أن يبحث لها الخليجيون عن حل:

كيف يسيِّرون شئون حياتهم في غياب الوافدين والخبراء؟

*السودانيون يشيدون بموقف مصر الشجاع رغم أحداث الأيام الماضية!

*تصوروا لو جماعة طالبان شكلت  بالفعل الحكومة في أفغانستان

*منافسو أردوغان يتزايدون.. وفرصهم جميعا أفضل

*.. خدعة مسلسل نبيلة.. ونادية!

لم يتوقع الناس في مناطق شتى من العالم أن تتغير أنماط عاداتهم وتقاليدهم بين يوم وليلة.. وهم الذين ظلوا يتمسكون بها على مدى عقود وعقود من الزمان..!

لكن "الفيروس" الشقي هو الذي اضطرهم للتحول من النقيض إلى النقيض.. وهم مستسلمون وراضون بل ومذعورون مما يمكن أن يحدث لهم مستقبلا..!

***

مثلا.. كل يوم تخرج صحف إيطاليا وقد جللت صفحاتها بالسواد.. وكأنها تنعي رمزا عزيزا.. أو سياسيا كان يشار إليه بالبنان.. أو أهل مدينة كاملة طالتهم أيادي الإرهاب..!

لكن هذه الصحف في واقع الأمر تنشر نداءات رئيس الوزراء المتكررة لمواطنيه بأن يلزموا منازلهم.. وألا يرتادوا دور السينما والمسارح.. والمطاعم.. والكافيتريات حتى لا يتعرضوا لهجوم الفيروس "كورونا".. وما أدراك ما كورونا..!

يقول رئيس الوزراء من خلال أحد هذه المانشيتات : عزيزتي إيطاليا.. لم نتعود على أن نراك مظلمة..!

مانشيت آخر:

إخواني الأعزاء.. وأخواتي العزيزات.. عذرا.. سنضطركم إلى اتباع تعليمات نحن نعلم مسبقا أنها لن تروقكم.. لكن ماذا عسانا فاعلين والخطر يهددنا من كل جانب..؟

بالفعل.. لقد أدى هذا الانتشار الكاسح للفيروس إلى بقاء الناس في منازلهم ليلا ونهارا.. ليغيروا بذلك أهم عاداتهم التي نشأوا وتربوا عليها.. وهي عادة السهر التي يعشقونها ولم يكن من السهل عليهم التخلص منها لولا هذا القهر الذي يمارسه ضدهم.. "كورونا".. بجبروته وسطوته..!

***

الإيطاليون والإيطاليات يجدون متعتهم بالفعل في تناول العشاء خارج المنازل على أنغام الموسيقى ووسط حلبات الرقص التي لا تهدأ.. وبالتالي عندما حدث ما حدث فهم الآن يقفون حائرين ومندهشين.. ومتعجبين.. لكن ليس في أياديهم تغيير واقع بات مفروضا عليهم رغم إرادتهم وإذا كان رئيس وزرائهم يقول إن البلاد تحولت إلى "محمية" وينذر المخالفين بتوقيع عقوبات صارمة ضدهم.. فهم على الجانب المقابل ليس أمامهم سوى السمع والطاعة..!

***

اسمحوا لي أن أسرد لكم هذه الحكاية الطريفة التي كنت شاهدا على وقائعها:

كنت مرة في زيارة لمدينة ميلانو الإيطالية ودعاني لتناول العشاء صديق مصري متزوج من إيطالية وأصر على أن يكون اللقاء في المنزل كنوع من أنواع الاعتزاز والتكريم..!

وفجأة ونحن نتبادل الحديث حول مائدة العشاء إذا بعويل وصراخ ينبعثان من إحدى الغرف لأتبين أن ابنة صاحب الدعوة تتشاجر مع "صديقها" الذي رفض أبوها أن تخرج بمفردها معه.. بينما هي لا تطيق البقاء بين الجدران واشتعلت نيران المعركة..!

هنا شرح لي الوالد الأبعاد معترفا بأنه أخطأ في حق الابنة التي تعودت على ألا تعود للمنزل إلا في الحادية عشرة مساء أو بعد ذلك.. شأنها شأن جميع زميلاتها وصديقاتها..!

لقد تذكرت هذه الحكاية وأنا أتابع آثار الفيروس في المجتمع الإيطالي والذي هو بمثابة شبح غامض أرق راحة البشر وأخذ يسبب لهم مشكلات وأزمات جمة سياسية واقتصادية واجتماعية.. ولعل من أولى هذه المشكلات.. ذلك الانهيار الذي شهدته البورصات العالمية على مدى الأيام الماضية .. والذي تمثل في فقدان مليارات الدولارات.. وفي انخفاض قيمة العملات الوطنية.. وفي تعرض العائلات لهزات لم تكن في الحسبان..!

***

لذا.. بعد كل هذا الاستعراض الواقعي والتفصيلي اسمحوا لي أن أعود لأركز على حقيقتين مهمتين:

* أولا: كم نتمنى أن يتوصل علماؤنا بالمركز  القومي للبحوث للمصل الموعود الذي تواجه به البشرية هذا الفيروس الشقي لا سيما وأنه خرجت تصريحات بالأمس من هذا المركز يؤكد أصحابها أنهم في الطريق لاختراع المصل..!

يا ليت.. وألف يا ليت.. لأن مصر عندئذ لا تكون قد نجحت في محاصرة فيروس كورونا فحسب بل حدت من هجمته الشرسة ومن سرعة انتشاره .. بل إنما هي بذلك تصل إلى العالمية التي تجعلنا نتباهى بعلمائنا وباحثينا وأساتذتنا الذين لم يتركوا الساحة خالية بل تقدموا خطوات وخطوات ليثبتوا أن الأمريكان أو الأوروبيين ليسوا أفضل منا ذكاء.. أو علما.. أو استعدادا أو خبرة بل ربما نحن أفضل الأمر الذي يترتب عليه تسجيل اسم العزيزة مصر في أغلى سجلات التاريخ بعد أن كانت الاختراعات والابتكارات مقصورة على دولة  بعينها أو على مجتمع دون آخر..!

***

*ثانيا: إني أشعر بما صار إليه حال الإخوة في منطقة الخليج بعد رفض السلطات في كل دولة من تلك الدول منفردة السماح بدخول مواطني دول بحجة مخالطتهم للمرضى الذين زارهم الفيروس أثناء تواجدهم داخل أراضي تلك الدول..!

بكل المقاييس.. لابد وأن الأخوة في الخليج اصطدموا الآن بالآثار التي خلفها وسيخلفها غياب هؤلاء الوافدين ممن يمارسون نشاطات أساسية منهم الخبراء في الطب والهندسة والتعليم وما إلى ذلك.. فإلي أي مدى يمكن أن يتحمل الخليجيون؟

إذن والحال هكذا ليس أمام القوم سوى خيارين لا ثالث لهما:

الخيار الأول: الاستسلام للظروف الاضطرارية ومحاولة التكيف مع الحياة دون مساعدين أو معاونين أو خبراء.. وذلك ليس من السهولة بمكان بالنسبة لهم..!

الخيار الثاني: الاتفاق على صيغة فيما بينهم تكفل فتح المطارات لمدة يوم أو يومين يسمح خلالهما بدخول المتعاقدين إلى البلاد شأنهم شأن المواطنين الأصليين على أن تتم مراقبتهم صحيا في منازلهم ضمانا لعدم حدوث أية تداعيات محتملة.

***

وما دمنا تطرقنا للحديث عن العرب.. فلابد من وقفة أمام ما جرى في السودان خلال الأيام الأخيرة..

الإخوة هناك يشيدون بموقف مصر إشادة بالغة.. ويؤكدون أنها كانت وستظل صاحبة مبادئ ثابتة لا تتغير.. وأنها لم تكن يوما رد فعل ولن تكون..!

السودانيون يقولون كل ذلك بعد أن كانت مصر أول من بادر بمساندة الوطن الشقيق إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء..

على الفور أوفد الرئيس السيسي اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة ليؤكد لهم أن مصر تقف بجانبهم وتتضامن معهم هذا يحدث بصرف النظر عن الموقف الذي اتخذوه بشأن قرار مجلس الجامعة العربية الأخير الخاص بسد النهضة الإثيوبي..!

***

وبما أن الدنيا أصبحت تشهد الآن تقلبات وتغيرات ليست في الحسبان .. أجد أن من تستحق الإشارة إليها من خلال هذا التقرير جماعة طالبان التي شن الأمريكان حربا ضدها استغرقت 19 عاما من الزمان راح ضحيتها الآلاف من أعضائها وقادتها.. حتى جاء اليوم الذي يعلن فيه الرئيس ترامب عن موافقته على أن تشكل نفس الجماعة الإرهابية الحكومة في أفغانستان..!

وبالرغم من أن هذا الإعلان من جانب الرئيس ترامب أثار دهشة الأفغان قبل غيرهم.. فإنه لا يرى ضيرا من ذلك إذا تحققت رؤيته.. أو إذا صدق توقعه لسبب بسيط.. أن اثنين من زعماء أفغانستان قاما بتنصيب نفسيهما في وقت واحد كرئيسين للجمهورية وأقام كل منهما حفلا خاصا لهذا الغرض.. إذ وقف أشرف غني في إحدى صالات القصر الجمهوري يستقبل المهنئين بينما اعتلى عدوه اللدود عبد الله عبد الله مقعدا وثيرا داخل صالة أخرى وأخذ بدوره يستقبل مؤيديه..!

بالله عليكم.. مثل تلك الصورة ألا تشجع جماعة طالبان على المطالبة بتشكيل حكومة شأنها شأن باقي الأطراف المتنازعة..؟

طبعا.. لم تدخر الجماعة وسعا في الإعلان عن الحكومة المرتقبة والتي أبدى الرئيس ترامب ترحيبه بالتعاون معها إذا حظيت بتأييد كافة القوى السياسية..!

حقا..دنيا..!!

***

ومن أقصى جنوب شرق آسيا .. نعود ثانية إلى تركيا وواليها العثماني الجديد الملقب برجب طيب أردوغان ..!

الأوضاع الاقتصادية تتفاقم والنزاعات السياسية بلغت أقصى مداها.. وأخذ المنافسون يرتبون أوراقهم ويتحدون في عناد بالغ وإصرار شجاع الرئيس الذي يريد أن يحكم البلاد طوال العمر..!

وعلى رأس هؤلاء صديقه الشخصي "سابقا" على بابا جان الذي أسس حزبا ضم إليه مجموعة من أشهر وأكفأ السياسيين المخضرمين الذين تعاهدوا جميعا على إسقاط أردوغان في الانتخابات القادمة..!

تُرى.. هل سيمنحهم الفرصة في محاولة لإثبات حياديته .. أم سيحيك لهم مؤامرة من مؤامراته إياها التي تعود على تدبيرها للخصوم وبذلك يزج بهم في السجن.. لإبعادهم عن الساحة.. حتى يبقى منفردا بالسلطة وحده..؟!

طبعا.. لا أحد يستطيع أن يتكهن بما ينتويه أردوغان.. وما يخفيه في صدره.. ومع ذلك فإن الأتراك متفائلون.. بأن الكابوس سوف ينزاح قريبا..!

***

أخيرا.. لقطة فنية..!

إذا كان أي منتج بصرف النظر عن اسمه وفصله ووصفه يتصور أنه يمكن أن يحقق نجاحا حينما يجمع بين كل من نبيلة عبيد ونادية الجندي في مسلسل واحد فإنه للأسف واهم.. ولا أعتقد أنه على بينة من مكونات المجتمع المصري هذه الأيام..!

نعم واحدة تصف نفسها ممثلة مصر الأولى والثانية تقول إنها نجمة الجماهير.. لكن سواء هذه أو تلك فالاثنتان تنتميان للزمن القديم.. الجميل..!

وبالتالي من الذي سيتفرج عليهما من الأجيال الحالية..؟

***

و..و..وشكرا