سمير رجب يكتب فى جريدة المساء مقال بعنوان "غدا..مساء جديد "

بتاريخ: 06 فبراير 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

ما دمنا نملك..قرارنا

فلن يتركونا في حالنا

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رفع شعارا بالغ المعنى عميق التأثير يقول: من لا يملك قوته.. لا يملك قراره"!

وكان يهدف من ذلك حث أبناء شعبه على ضرورة الاعتماد على أنفسهم في توفير طعامهم بدلا من الاستيراد من الخارج.. لا سيما فيما يتعلق بالقمح الذي يصنع منه رغيف العيش..!

لقد أدرك عبد الناصر بحسه الوطني أنه لابد وأن يجيء يوم تهددنا فيه أمريكا بالامتناع عن توريد القمح كوسيلة من وسائل الضغط علينا حتى نصبح طائعين لها.. أو

-على الأقل- مهادنين..!

***

بالفعل نفذ الأمريكان تهديدهم.. وفي يوم نحن أحوج ما نكون فيه إلى "الرغيف" الذي يعد عنصرا أساسيا من عناصر طعام الفقراء والأغنياء.. أعلنت واشنطن في تحد صارخ عن وقف عمليات التصدير..!

إنصافا للحق والتاريخ.. لم يهتز عبد الناصر قيد أنملة ..بل اتصل بأصدقائه "السوفييت" الذين لم يترددوا في تنفيذ مطلب زعيم مصر..!

ليس هذا فحسب.. بل أصدر زعيمهم نيكيتا خروشوف تعليماته لإحدى سفن أسطوله البحري التي كانت تحمل شحنة ضخمة من القمح في طريقها إلى الهند.. بتحويل مسارها إلى الإسكندرية..!!

وعبرت مصر وعبد الناصر الأزمة بينما استشاط الأمريكان..غيظا وغضبا.

***

وتمر السنون والأيام بينما المصريون يحاولون.. ويجتهدون .. ويكدون من أجل توفير قوتهم وقوت عيالهم وهم متحررون من أي قيد أو تدخلات..!

وأحيانا يقتربون من الهدف.. وأحيانا أخرى تبعدهم الظروف الاضطرارية.. لكنهم ظلوا على خط استقلالية الإرادة سائرين..!

***

في شهر يوليو عام2004 حدث تغيير وزاري وتم تكليف د.أحمد نظيف بتشكيل الحكومة التي جاء من بين أعضائها المهندس أحمد الليثي وزيرا للزراعة..!

وأنا أعرف المهندس الليثي معرفة جيدة.. وقد ربطتني به علاقة وطيدة وممتدة منذ أن كان رئيسا للشركة القابضة للتنمية الزراعية ..ثم محافظا للبحيرة.. وكان.. دائما يبدي دهشته ونحن نتسامر معا على ضفاف نيل القاهرة أثناء إجازته الأسبوعية عن عدم قدرتنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي بينما الأمر.. من وجهة نظره.. يسير وسهل..!!

***

المهم.. توجهت لزيارته في مقر وزارة الزراعة بالدقي بعد تعيينه بأيام قليلة لتهنئته بالمنصب ..ووجدته يجلس وأمامه أبحاث ودراسات..وإحصائيات وحوله مجموعة من الخبراء .. فقد كان"مهموما" بحلمه الأوحد.. والأعز.. الاكتفاء الذاتي من القمح..!

لقد تبنى الليثي ما أسماه بحملة القمح..تحت شعار: الاكتفاء الذاتي ممكن..!

..ثم..ثم يحدث تغيير وزاري مفاجئ يغادر أحمد الليثي على إثره منصبه الوزاري.. بعد 18شهرا فقط.. ليتبدد حلمه..وحلم مصر معه..وليلحق بأستاذه مصطفى الجبلي الذي سبق وأن رفع نفس الشعار والذي لم يمكث هو الآخر على مقعد وزير الزراعة سوى عام واحد بالتمام والكمال.

وطبعا.. مازالت أسباب خروج الوزيرين السابقين بهذه الصورة الدراماتيكية  غير معروفة حتى الآن..وهذا أمر طبيعي عندنا ولا شك..!

***

 من هنا ليس غريبا..أن تكون مصر حاليا هدفا لسهام باغية مباشرة أو غير مباشرة منذ أن أعلنت عن استزراع مليون و500 ألف فدان.. انتهت بالفعل من جني ثمار عشرة آلاف منها مما يعني توفير ما يقرب من ثلاثة ملايين طن قمح سنويا.

ولقد تم تطوير مائة وخمسة "شون" لحفظ الأقماح في 17 محافظة.. فضلا عن قيام القوات المسلحة بتنفيذ مشروع لتوسيع شون أخرى لتخزين 750 ألف طن وأيضا إنشاء 170 صومعة لحفظ الأقماح بطاقة تصل إلى مليون و250 ألف طن.

***

بالله عليكم.. ألا يثير كل ذلك حنق الكارهين لنا..ومعهم الحاقدين والمتآمرين..وكل الذين تمنوا في يوم من الأيام ألا تقوم قائمة لمصر والمصريين بعد أحداث 25 يناير عام2011؟

بصرف النظر عما إذا كان هؤلاء دمى أمريكية .. أو قطرية.. أو "إرهابية" .

فيكفينا أننا نقف حائط صد يحول بينهم وبين تحقيق أغراضهم أو أمنياتهم الخبيثة.

زمان.. كما أشرت آنفا.. استخدموا كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة متوهمين بأننا يمكن أن نخضع أو نضعف.. أو نفرط في إرادتنا .. أو أرضنا.. أو عرضنا..!!

لا.. وألف لا..!

وإذا كانت عصابة الإرهاب فقدت كل ذرة من ذرات الانتماء إلى تراب هذا الوطن –فنحن- على الجانب المقابل..نقف في جرأة وشجاعة نواجه دعاوى الزيف والبهتان..بإيمان لا يتزعزع ويقين ثابت لا يعرف الشك أو التشكيك..!

***

في النهاية تبقى كلمة:

واضح أن العقلاء في العالم العربي والخارجي كثيرون.. بينما المهووسون.. و"المجانين".. ليسوا سوى قلة ومهما ارتفع صوتهم.. فإنهم غارقون.. غارقون والأيام بيننا..إن آجلا أو عاجلا.