سمير رجب يكتب مقاله " خيوط الميزان " بجريدة الجمهورية بعنوان" هذا..هو ربيع مصر..! "

بتاريخ: 12 أبريل 2018
شارك:
Facebook Twitter Google+ Addthis

تقرير سياسي عن أحداث الساعة

*هذا..هو" ربيع مصر"..!

*أرادوا هدم الوطن..فإذا بنا نخرج أكثر قوة..وأصلب عودا

*المناخ الآمن الدافئ يلف كل الناس وهم يحتفلون بأعيادهم التقليدية

*الزيارات المتبادلة بين القيادات الدينية تعكس بالفعل مشاعر صادقة ..بعد أن كانت مجرد مشاهد تمثيلية

*تصوروا..يضربون السوريين بالأسلحة الكيميائية ثم يجبرونهم على الخروج من ديارهم..إلى "المجهول"

واليمنيون..والليبيون..ليس أمامهم من سبيل!

يظل ما أطلقوا عليه "الربيع العربي".. عالقا في الأذهان على مدى حقبات طويلة من الزمان..بسبب ما خلفته النظرية الفاسدة..ومحاولات التطبيق المقيتة من آثار سلبية طالت شعوبا..شاء قدرها أن يعيش أبناؤها وهم يعانون من الشتات..والذل..والتمزق..والهوان..!

الحمد لله..أننا في مصر خرجنا من المؤامرة الدنيئة ..ونحن أكثر قوة وأصلب عودا..!

ليس هذا فحسب..بل أصبحنا في مكانة تمنع الفاعلين الأصليين..والمتعاطفين..والماكرين من مجرد الاقتراب..!

***

ها نحن نعيش ربيعنا الحقيقي.. ربيع مصر الذي هيأ المناخ الآمن والدافئ لكي نحتفل بأعيادنا التقليدية في حب ومودة وبهجة نحمد الله على أنها لم تغب عن أفئدتنا يوما..!

انظروا..كيف مر علينا يوم شم النسيم..وقبله عيد القيامة المجيد..وها نحن نستعد لاستقبال شهر رمضان بكل الإيمان واليقين ..بأن الله سبحانه وتعالى.. لا يضيع أجر العاملين.

ونحن عملنا..واجتهدنا..وصبرنا..وثابرنا ليحتل وطننا مكانته اللائقة والمتألقة تحت قرص الشمس.

***

خرج الناس للحدائق والمتنزهات دون أن يدور بخلد أي واحد منهم احتمال تعرضه لأي خطر من أي نوع لا قدر الله.

الدولة.. بدت في كامل هيبتها..وأيضا في أحلى هيئتها.. قوات الجيش والشرطة تنتشر في كل مكان أفرادها يلتحمون مع الجماهير في مودة وإعزاز..!

النيل بات أكثر إشراقا .. يستقبل عشاقه الذين هم المصريون عن بكرة أبيهم مرددا معهم في فخار ومباهاة:

من أي عهد..في القرى تتدفق..؟!

وبأي كف في المدائن تغدق؟؟!

ومن السماء.. نزلت أم فجرت

من عليا الجنان..جداولا تترقرق..!

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر..فإليك أيضا هذه الحكاية :

جاء كبار أهل مصر للوالي عمرو بن العاص وقالوا له من عاداتنا أن نأتي بجارية "بكر" ونزينها بالحلي.. ونلبسها أحلى الثياب ثم نلقيها في نهر النيل ليجري ويعم الخير..!

وعندما علم خليفة المسلمين عمر بن الخطاب بما جرى بعث برسالة عاجلة لعمرو قال فيها:

إن كان نهر النيل يجري من عندك بسبب الجواري فنحن في غنى عنه..وإن كان يجري من عند الله.. فبسم الله يجري..ونحن في انتظاره..!

يعني تاريخ مضيء..مشرف ..سواء بعد وصول الإسلام لهذا البلد الغالي..أو قبل ذلك بكثير منذ عهد الفراعنة العظام.

***

في نفس الوقت..لم تترك الحكومة ثغرة واحدة يمكن أن تكون سببا للإضرار بفرد أو مجموعة أفراد لا قدر الله مثلما كان يحدث زمان..فوزارة الصحة استعدت لمواجهة تسمم الفسيخ بكمية كبيرة من مصل"البتيوليزم"المضاد لهذا التسمم..!

ولعلنا جميعا.. نعرف طبائعنا..فرغم التحذيرات الحاسمة بخطورة تناول الأسماك المملحة..إلا أننا نرفض الانصياع ..أو حتى الاستماع!وبالتالي ليس هناك من مفر ..سوى توفير معدات"الإغاثة"..ووسائل الإنقاذ ..!

ومر آخر يوم شم النسيم على خير فيما عدا الإصابات التي طالت نحو  45 مواطنا من جراء التدافع..

حديقة الحيوان الشهيرة تم تطويرها..وتزويدها بأنواع كثيرة من الحيوانات بعد أن كانت تعاني من الإهمال والتجاهل..كذلك حديقة الأسماك تم افتتاحها بعد إغلاق سنوات طوال..!

باختصار شديد..الربيع في مصر يخلب الوجدان..و"الأمن في مصر" المحور الأساسي لمعيشة أبنائها في اطمئنان وراحة بال..!

على الجانب المقابل..فإن ما يدعو للتفاؤل الدائم ..أن المشاعر بين الناس وبعضهم البعض لم تعد زائفة ..أو عابرة أو باردة..أو..أو..!!

وأنا شخصيا لدي إحساس بأن تلك الزيارات المتبادلة بين القيادات الدينية المشتركة أي بين المسلمين والمسيحيين لا تنطق عن أهواء مؤقتة..بل تنم عن مصداقية خالصة..وتلك في حد ذاتها نقطة بالغة الأهمية..فحتى الماضي القريب..كنا نرى في العيون ما لا نلمسه .. بين ثنايا القلوب..وكم من لقاءات جرت على مستويات متباينة..وبعدها يتم تفجير كنيسة هنا ..أو هناك..أو يطلق الرصاص على قلب قس..أو كاهن لتلتهب نيران الحيرة وتتسع دوائر الغضب ..وفي النهاية لا شيء..!

***

من هنا..فإني أود التركيز على عدة حقائق أساسية:

* أولا: نحن الآن ندخل مرحلة جديدة من مراحل تاريخنا الوطني بعد أن أنهينا الانتخابات الرئاسية بقدرة وباقتدار وهي الانتخابات التي أكدت.. رغم أنف الحاقدين والكارهين على
أن كل واحد فينا بات صاحب قرار مؤثر ..ومصيري.

ليس هذا فحسب ..بل رسخت في أعماقنا بأنه لولا الثورة التي فجرناها في 30 يونيو عام2013 لأصبحنا ضائعين..مهترئين شأننا.. شأن من لا يدرون حاليا..أين كانوا وفي أي عصور عاشوا ..وإلى متى يعبث بمقدراتهم ..من يعبث..!

بالتالي كل واحد مطالب بالعمل بإخلاص وتفانٍ في مجال اختصاصه ولا يعد هذا ضربا من ضروب المستحيلات..بل إنه دور الإنسان ..أي إنسان..في الحياة ..!

أرجوكم..استقبلوا المرحلة الجديدة..وقد ملأ الأمل قلوبكم..وغمر التفاؤل وجدانكم:

وأعود لأكرر تذكروا دائما ما ألم بنا ..وما كان يمكن أن يكون في انتظارنا..!

* ثانيا: أن تظل عيوننا دوما على الجيش والشرطة بحيث يتم دعم قواتهما..بأحدث..الأسلحة..ويجري تدريب أفرادهما وفقا لأعلى المستويات وبأغلى التكاليف.. دون أن نلقي بالا لدعاوى المهيجين ومثيري الفتن ومفجري سواد الأحقاد.

* ثالثا: فلنمعن ..ولنتأمل..فيما يعترض غيرنا من الأقربين والأبعدين سواء بسواء..!

انظروا ما يحدث للسوريين.. بعد أن أصابهم ما أصابهم من تمزق ..وهوان..وانهيار ما بعده انهيار..!

ضربوهم بالأسلحة الكيميائية دون وازع من ضمير أو أخلاق وبعد ذلك يجبرونهم على الخروج من قراهم ومدنهم.. إلى عالم مجهول فلا مكان لهم شمالا أو جنوبا..أو شرقا..أو غربا..!!

يعني كما يقول المثل الشعبي بالضبط" موت وخراب ديار"..!

ولعل ما يثير الدهشة والعجب..أن استخدام الأسلحة الكيميائية..أصبح نهجا عاديا بصرف النظر عن تهديدات أمريكا..وأوروبا بضرورة اتخاذ ردود حاسمة وقاطعة.."فالأخ" دونالد ترامب يقول كلاما ثم سرعان ما يعدل عنه..

نفس الحال بالنسبة للرئيس الفرنسي الشاب الخجول ماكرون..!

نعم لقد عهدوا لإسرائيل منذ أيام بالرد على واقعة دوما الكيميائية التي هرعت بدورها لضرب مطار تيفور..القريب من حمص لتسيل الدماء أكثر وأكثر وتتحول الأشلاء إلى رقائق ممزقة..وجزئيات يتعذر تجميعها مع بعضها البعض..!

كل ذلك..لماذا ..ولماذا..؟!

الإجابة ببساطة شديدة لأن السوريين لم يعد لهم وجود في الحياة..بصرف النظر عن المكابرة..وبعيدا عن التشبث بتلابيب الروس ..والإيرانيين..وحزب الله..!

***

أيضا..الأمر لا يختلف بالنسبة لليبيين واليمنيين الذين أصابتهم لعنة الربيع العربي المقيتة..فانتهت بهم إلى هذا المصير المظلم الكئيب والذي أحسب أنهم لن يملكوا منه فكاكا على المدى القريب إن لم تكن أصابع الشر قد زادت من قبضتها عليهم بكل ما تنطوي عليه من بغي ..وإثم..وعدوان..!

***

في النهاية..

فلنرفع أكفنا للسماء في اليوم مئة مرة ومرة..ساجدين..شاكرين..راضين..ناسبين الفضل لصاحب الفضل.

***

و..و..وشكرا